Translate

الاثنين، 26 أغسطس 2013

الشعر يسقط مني كتبوّل لاإرادي كلما ابتسمت

رشدي الغدير


ليس لأنهم فقط حينما نظروا في عينيّ رأوا غضبي الصامت يناديهم بأسمائهم القليلة .. وليس لأنهم لم يجدوا في يدي حتى شوكة طعام أمزق بها وجوههم الشاحبة .. أبناء الكلبة الشعراء لقد نظروا إلي ثم أداروا رؤوسهم وهم يبتسمون بخبث قبيح ... و كأنهم يعرفون أن ما سألاقيه في حياتي من صعوبات سيكفل لهم تعذيبي بعقاب مستمر لا ينتهي ... أبناء الكلبة الشعراء ...
.
.
سيكون منطقيا للغاية أن أظل أنكمش وأتلاشى عن الساحة الشعرية و الإعلامية بينما أحاول البقاء بأقل قدر من السكينة و الاتزان ... لقد فقدت بريقي الشعري وعدد كبير من المعجبات اللواتي كن يضعن قصائدي داخل كتبهن المدرسية كمنهج مستقبلي للحكمة المنتظرة .. وها أنا أموت بشكل متواضع جدا ولا أحد سيتذكر اسمي في الفترة القادمة ...
.
.
اللعنة ... هذا فيه مضيعة للوقت ....
.
.


كنت أظن أن قصائدي غير قابلة للفناء ... ذلك ما يجب أن يحدث على أي حال حين يقرر شاعر مثلي ترك نفسه للغرور وينسى حقيقة أنه مجرد فراغ ممتد لا يكترث به أحد ...
.
.
نادراً ما أكون حزيناً في حياتكم الدنيا يا أبناء البشر الضعفاء .. أنا حزين عندما أتعمد المشي قريبا جدا من الغرباء دون أن أتحدث معهم ... كأن أمسك حذائي أضمه إلى صدري وأربت عليه ..كأن أضع ريموت كنترول التليفزيون في جيبي وأنا ذاهب لصلاة العصر في المسجد وكلما تقاعس الإمام أدخلت يدي في جيبي متلمسا ازرار الريموت بحثاً عن إمام اخر .. كأن أصرخ في محل حلويات سعد الدين على البقلاوة وأشتمها وابصق على القطايف والحلويات مستمتعا بالملامح المنهارة التي تركتها على وجوه الزبائن قبل خروجي ... الوحش في داخلي لا يعرف الحزن ..هو سيد الغضب وسادنه ومدوزنه الأول ...الحزن لا يليق بكائن مثلي يا أبناء البشر الضعفاء
.
.
جميلة ورقيقة جدا وغامضة كنبوءة مؤجلة ..لا أريدها أن تخرج الآن .. أريدها أن تمارس البقاء مبتسمة في جانبي داخل السيارة الضيقة .. بالتأكيد كان هذا المشهد من ضمن التصورات التي صاحبت فكرة غاية في البلل عن فتاة مكتنزة بالفرح والخجل و الحب تتحدث العربية بمزيج لطيف وصوفي من الإنجليزية التي لا أفهمها تماماً .. تعرف جيداً أن الزمن لا يأخذ رأي أحد .. يتكفل وحده بتمزيقنا وتشكيلنا من جديد ...


قالت : وضعت الأحجار بنفسي .. اخترت الستائر و النوافذ ينفسي .. كل شيء ..كل شيء .. لقد دسست روحي فيه ..
.
.
شعرت لحظتها فقط بالعجز عن فعل أي شيء كان هناك أيضا إحساس خافت في داخلي بالغضب قد يصل بغرابة لدرجة تحطيم الباب ونزع الوغد من الداخل حتى تحصل هي على راحة مؤقتة ...
..
.... رشدي لقد ارتكبت غلطة كارثية في قصيدتك ... البحر يشكي وليس تشكي ...
.
حاولت العثور في رأسي عن لون مفقود أضعه كعذر عن سهو غير نزيه في القاء القصيدة الباهت ... رغبت حقاً أن أشرح لها أن كل قصائدي لا تهمني كثيرا وأن الشعر يسقط مني كتبوّل لاإرادي وأن ابتسامتها اهم من كل القصائد التي كتبتها وأنني لا أفهم نفسي إلا عندما أكون معها فقط ...
.
.
معها فقط
أكون أنا
.
.
.
رشدي الغدير

السبت، 17 أغسطس 2013

رجل ضفدع ميت

094



أنتبه يا سيدي لقد وقعت ذراعك على الرصيف :- فألتقط ذراعي وأكمل طريقي ..دائما ما تسقط أعضائي وأنا أمشي في الشارع ..قبل أيام وقع فمي قرب محل لبيع طيور الزينة لم أكتشف هذا الا عندما نبهني طفل صغير قال لي يا عمو هل هذا الفم لك ..اخذته من يده وأعطيته ريال ليشتري الحلوى فيما كنت أضع فمي الثرثار في مكانه الصحيح وبعد دخولي الحمام أكتشفت انني وضعت فمي بالشكل المقلوب وهذا ما
يفسر عدم فهم الناس لحديثي معهم
.
.
قال لي الطبيب أنني أعاني من عدم التركيز والشتات وهذا ما يتسبب في سقوط أعضائي في الشارع نصحني أن لا اخرج من البيت و أن لا أبذل أي جهد وأن أقصى ما يمكنني فعله هو تقشير البرتقال أمام التلفزيون ...والنوم بجانب الوسادة وأن لا أتقلب على فراشي كثيرا .. لذلك أنام على جهة واحدة فقط ..طوال عمري
.
.
أحزنني فقدي لعضوي الذكري.. حدث هذا عندما كنت أسبح في البحر ..شاطئ الدمام تحديدا سقط مني دون أن أشعر به وعندما بحثت عنه وجدته في فم سمكة ..السمكة أكلت قضيبي الوحيد .. في البداية كان الوضع غريبا أن تصحو من نومك دون شيئك المتدلي ..لقد كان مكانه فارغ .. وكلما دخلت الحمام أصاب بالحزن ..

حتى المرأة التي اعتادت على مهادنته وتدليله صرخت في وجهي عندما لم تجده في مكانه ..قالت لي : رشدي أين ذهب الشيء المتدلي الذي كان هنا ..كيف ستحتضنني وأشعر فيه منتصب في بطني ..كيف لك أن تمد يدك لتتحسس ذلك الدفء المعرورق بين فخذاي وكيف سأمد يدي إلى عضوك في المطبخ وكيف سنفعلها على سطح الطاولة.. فوق المرتبة ..بجانب الغسالة ..خلف الثلاجة ..وتحت الماء الساخن ونحن نتعرق في هدوء .. قلت لها دعيني وشأني ..أغربي عن وجهي وأغلقي الباب خلفك ..وحينما اغلقت الباب خلفها ..جلست أبكي وحيداً وأتذكر شيئي المتدلي الجميل و آثار البول الذي كنت أتركه على جذوع الأشجار وأوراق النباتات الصغيرة في الطريق ..
.
.
لم اضطر لتركيب اطراف اصطناعية طوال حياتي كنت أستعمل الصمغ فقط وقليل من الصبر حتى يجف ..وبعد أن يجف الصمغ يمكنني التحرك بحرية لكن دعوني أكون صادقا معكم بعد فقدي لقضيبي المتدلي الجميل .. حاولت تبرير الموقف لنفسي والصقت مكانه رجل ضفدع ميت ..حسناً رجل الفضدع متدلية ومناسبة جداً ..
.
.
لم أتوقف عن مراجعة الطبيب والبحث عن أجزاء جسمي وأطرافي في الشارع ....حتى هذه اللحظة
.
.
شكرا لأستماعكم..يمكنكم الذهاب إلى الجحيم ..هذا لا يزعجني ...اطلاقا
.
.
رشدي الغدير