Translate

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

الموت ياله من أمر سخيف

20856_1419785868777_1656570184_1014536_8195701_n


الموت... كلما أمعنت التفكير في شكله وملمس يده ..ينسل هاربا ليحصد أرواح الفقراء نهاية الشارع ... الموت ياله من أمر سخيف ... أضعُ أفكاري المتأرجحة جانباً وأخاطب الموت ببسالة المشاهد الناقصة مستنداً إلى لسانٍ رخو يؤكد غياب المعنى في رغبتي المستمرة بالرقص عارياً بين الأموات رغم شعوري بالخطيئة.. وبقليلٍ من الألفة المستعارة من العابرين على ظلي المُلقى في الطريقِ العام بين الدمام ورأس تنورة أجهش بنحيبي المكبوت على الأموت وهم يلوحون مبتسمين ـ بأياديهم المستعجلة في أحلامي القليلة .. أنا الذي ينظر في المرآة كي يغرس حديقة في وجهه البعيد ليضعها في جانب الطريق حيث تمر جنازته ويشاهد مبتسماً كل الحمقى الذين مارسوا القراءة له دون أن يشعروا بحزن عيونه البنية التي تفلسف الأشياء و تطردُ آلهة محشورة بين أسنانه الأمامية ....
.
.
الحب يؤذيني .. سماع الكلمات الطيبة من الناس يؤذيني أيضاً ..وكلام الغزل من النساء يدخل أذني كالشتائم أو النكات السخيفة ..تماماً ... وكلما رفعت رأسي إلى السماء سألت :ماذا أفعل بكل هذه الغيمات البيضاء ؟ .. -أفكر أن أصعد متسللاً في الليل لأطليها باللون الأسود حتى تبدو الجهة الأخرى من الدنيا مناسبة أكثر لرائحة عفن جثث الموتى المستقرة في رأسي ...وكلما شاهدت طاولة طعام راودتني رغبة في النوم فوقها بعد أن أكسر الرجل الرابعة من كل الكراسي المحيطة بها حتى لا يجلس أحداً وينصت لأسراري المتوحشة وهي تختلط بمذاق شخيري الذي يبدو كاعتذار غير مقصود عن أفكاري السوداء .. حسنا أيها النبلاء سأكف عن الابتسام والسخرية من سذاجتكم الهائلة وأفتح فمي للحديث معكم -فقط دعوني أنام فوق طاولة طعام واحدة قبل أن تشد الأرض قلبي ...
.
.
وها أنا مضاء بخساراتي الصغيرة وحول فمي تركتٌ لكم أحاديثي المبللة عن ضراطي و وصراصيري و الغرفة الحقيرة و الموت .. يمكنكم لعقها بسهولة لو أعجبكم الأمر ... كان يمكنني أن أشتم رواد المقاهي الذين مروا بجانبي دون أن يثنوا على صلابة خشب الكرسي تحت عظامي .. ودون أن يقدموا عزائهم في عود الثقاب الذي تكسر قبل أن أشعل سيجارتي الأخيرة وأرحل ...أكثر من هذا .. كان يمكنني البصق والاستمناء على ظلال الأوغاد الذين لم ينتبهوا لشحوب يدي المهتزة كلما كتبت قصيدة ابرر فيها عدم موتي السريري حتى هذه اللحظة .. ضمدوني ولو بنظرة عابرة أيها الحمقى وضعوا لي اغنية هابطة حتى اتأكد أنني مازلت بينكم وأن الموت مجرد أمر سخيف ... سخيف فقط ...
.
.
رشدي الغدير

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

عفوا يا أصدقائي لقد ضيعت طريقي إلى القبر

لم أتغير .. أنا مثلما كنت تماماً ...كل مساء أجلس تحت جثتي أعوي مثل ذئب جائع ألتهم الوحدة على طبق من ضجر ..وكلما أتسخت عيوني من القراءة أغسلها بدموعي الوقحة ..عيناي الزائغتان كانتا
تتعقبان المؤخرات بشغف قبل أن يرتد لي طرفي بطرفة لا تضحك أحدا غيري .. (الموت) ياله من أمر سخيف يا أصدقائي ... عيوني البنية عالقة على الباب مثل طرقة قديمة لأصدقاء أعتدت على خياطة أصداء
أصابعهم في رأسي لأستجمع بعض الغناء المنسي في حناجرهم ...


( يا الزينه ذكريني لي غيبتني بحور
و بشوق ناديني يمكن الدنيا تدور
وأرد ويا الصيف ولا الشتا لي رد
ولا مع الأشواق وقت الربيع والورد )


.... أمتص كامل الغصة في دمي و قبل أن أعلم الهواء الساقط الحبو أمشي بكامل أطرافي حول نفسي وأضحك ... أخطو..فأقع ...و طرقة الباب عالقة بعيني المغمضتين ..


طق ..طق ..طق ...
- من انتم ؟
- نحن ..
- من في الباب ؟
- نحن...
- من أنتم؟
- نحن أصدقائك الموتى ...


ينقطع الصوت بكامل الفراغ الموصد ... أعود للجلوس فوق جثتي و كعبارة متسعة في قصيدة مملة أتنفس الحبر من الورقة المهملة بجانب السرير وكأنها غواية عابرة ليست لأحد ... الأصدقاء محض هراء وبقايا
طرقاتهم على الباب هي مجرد وهم غبي .... لا تنتظر أن يطرق الباب أحداً غيرك و ستموت وحيدا ينما يتشبث جلدك برائحة أصدقاء تنفلت ضحكاتهم من المسام الصغيرة ... إذن أعد ترتيب موتك برغبات
أقل من المعتاد ...كأن تفتت رأسك على حواف السرير وتحبس ذكرياتهم التي تطايرت مع حشد أنفاسك قبل قليل وأنت تقول لنفسك من خلف الباب (من أنتم ) .. فلا تبحث عن قفص أضيق من صدرك المسكون
بنبضاتك الأخيرة ...


(وانا بعيد بعيد ما عندي غير الآه
حملت نجم السما شوقي لكم وياه
اشتاق اشم العود و اوله على الطيبين
والحنه لي خطوه .. خطوه على الكفين
وأرد ويا الصيف ولا الشتا لي رد
ولا مع الأشواق وقت الربيع والورد )


ذكرياتي تتراكم في رأسي كقبيلة من النمل على فتات الخبز ..ليس وردا ما ينبت على جبيني وخلف عيوني التائهة أمام الباب وكلما لبست جنوني هرعت لخطف وجوه الأصدقاء من قبورهم لأتمدد معهم بين


السطور في قصائدي وندخن سجائرنا الفاجرة ونعيد ترتيب أنفاسنا بما يناسب هذه المسافة بين الأحياء و الأموات وبثرثرة لا يملها أحد نحشوا أوراقنا ببعض البذاءات الجميلة ... عفوا يا أصدقائي لقد ضيعت
طريقي إلى القبر لأنني عادة ما أترك ملابسي متسخة امام المساجد البيضاء وأنام بجانبها ...
.
.
رشدي الغدير
............
المقاطع بين الأقواس من اغنية الفنان الكبير احمد الجميري :يا الزينه ذكريني ...كنا نرددها فيما بيننا أنا وأحمد الدوسري و سلطان الهوشان و سامي اليعقوبي أصدقائي الذين ماتوا في حادث قبل سنوات ...
رحمهم الله