Translate

السبت، 22 فبراير 2014

الحذاء سيظل وحيداً في الشارع



34311_1432006774292_1656570184_1041279_1463319_n


أيها الشيعة و السنة وأنتم تقتلون بعضكم البعض بشهوة دموية طازجة .. دعوني أمر فقط في حياتكم الدنيا وبأقل الخسائر الممكنة .. أنا لست عدوكم ..دعوني أمر فقط ... لن أضايقكم بعيوني البنية ولن القي التحية الساخرة على جثثكم المندهشة لفرط العداء .. أعدكم أن لا أتذكر ملامح وجوهكم ولا اسمائكم ولا عدد أصابعكم المبتورة ولا لون أحذيتكم ..فقط دعوني أمر بهدوء ... منذ سنوات وأنا محبوس في هذه الدنيا معكم أراقب كل شيء من نافذة الحمام الضيقة ..يحدث أن أضع قدمي في كومة الخراء اللزجة لتخفف عني عبئ مشاهدتي لكم وأنتم تقتلون بعضكم البعض كالنكات السخيفة..أدس بعض الخراء في اذني لتمنع أصوات الموتى من الوصول لكوابيسي الجافة.. أشاهدكم تواصلون شتم الله في صلاتكم كلما توقف الوقت وتوقفت معه جميع العقارب في يدي .. دعوني أمر فقط ..أنا الأقلية القليلة وجدت نفسي في محيط غريب من الإرهاب وسيطرة الجهل وغوغائية الرعاع و نار الرجعية المندلعة الصارخة الضاربة في بلادي وكلما حاولت الخروج أجد نفسي في مواجهة حتمية مع سخافة مذاهبكم الدموية التي تكفر بعضها بعضاً ... دعوني أمر فقط .. أريد أن التقط حذائي الوحيد في الشارع ...
.
.
حينما قذفت الفتاة الشيعية رأسي من النافذة في إحدى نوبات غضبها الهيستيري .. رأيت العابرين في الشارع يواصلون سيرهم دون أن ينتبه أحدهم لصراخ رأسي الهادر بجانب الرصيف ودون أن يلقوا نظرة واحدة على ملامحي القديمة .. عرفت لحظتها أن الحياة لا يجب أن تؤخذ بجدية تامة .. وأن الفتاة الشيعية تعشق قطع الرؤوس تماماً مثل الفتاة السنية .. كلهن بنات كلب ..كان يجب علي فقط البدء في كتابة قصيدة جديدة متناسياً كل ما حدث لي ...بعد موتي ستختفي كل العوائق الصغيرة الهشة التي كانت تكبل و بقدر ضعيف شراسة تعاملي مع الشيعة و السنة .. هل كانوا يعرفون أيضا أن مواجهتي لهم بشتائم وصرخات مقابلة كانت تتوقف فجأة لعلمي بأن ردودي عليهم ستزيد من قوة ووقت وجودهم في هذه الحياة ... لا يمكنني أن أنكر أنني فكرت أكثر من مرة في قتلهم جميعا ولكن الذي منعني ليس رفضي أن أتحول إلى مسخ مثلهم .. وإنما كان يعنيني أيضا بقاء هذه الكارثة في الحياة لتكون دليلا حيا وحاضرا دائما أمام عيني على حجم الكراهية التي أواجهها بشكل يومي ..ماذا عن حذائي ؟ ...الحذاء سيظل وحيداً في الشارع ...
.
.
أيها الشيعة والسنة ...دعوني أمر فقط .. دعوني أجرب لذة القرارات الحاسمة ..دعوني أختار مصيري .. أريد أن أتزوج المدينة و أن أظل وفياً لها بينما أضاجع مدينة أخرى ... رغم أنني مازلت أكره شكل أصابع يدي لأنها تشبه أصابع يد والدي الذي يقف أمامي منذ موته الأخير ..كلماتي تضلّ الطريق وسط كل هذا الموت .. دعوني أمر فقط ..ذلك لآن الحذاء سيظل وحيداً في الشارع ...
.
.
رشدي الغدير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق