لا اعلم لماذا كلما ذهبت لمرحلة استكشاف الحرف المبكرة المهشمة بتنوع الفقد والعذابات في مجتمع بدوي صحراوي يرفض الاصغاء لطفل مشدوه مثلي كلما لمح وهجا في السماء اطلق هدير من الاسئلة تتفجر داخله لكنه يجفل ويعود منكسرا لفرط ضياع صوته في ارجاء الناس يتوهج في الذاكرة قول لجلال الدين الرومي * إلى متى أحبس نفسي في سجن هذا العالم؟ آن الأوان كي أجعل روح الطفل النقي بطل الميدان" اعتقد انني وقعت على جلال الدين الرومي وانا لم اتجاوز الحادية عشر بعد و بوصفه شاعر يمغنط الروح ويمنحها اجنحة لتحلق هكذا وبشكل عفوي منحت نفسي متعه اثيرية في ان اشاهد الارض من اعلى كمن يطل برأسه من غيمة لا ابالغ ان زعمت ان لطفولتي ارهاصات تهفو الى ما يرتع في الهامش منسيا من القراءات وكتب كنت اسرقها خلسة من مكتبة والدي بعد اربعين سنه سيكتشف هذا الطفل انه افتتن في طريقة اعلانه عن نفسه في شكل مسائلات جريئة لا تمل ولا تكل وسيندم لانه اختار الطريق الشائك الذي يشده الى قاع المجتمع، لا ليهادنه، بل ليخاتله، ويسعى لخلخلة قيمه الزائفة بسبب انه تمركس مع الكتاب الاحمر في مراهقته وتأدلج مع سارتر وعشق ابو منصور الحلاج وغرقا مع ابن رشد وابن تيمية والراوندي وتهافت مع الفلاسفة مع الامام الغازلي واصبحت عنده مشكلة وجودية وهو لم يتجاوز الابتدائية بعد
اتذكر جيدا الموقف المؤلم عندما ضبط استاذ الفقه والتوحيد في الصف الاول متوسط مقاطع مكتوبة باليد لثلاث صفحات من الادويسة مدسوسة بين الكتب المدرسية في حقيبتي اعتقد انها حول زيارته الى جزيرة اكلي اللوتس وحديثه مع الالهة وكيد بعض الالهة وخطط خفية لتعطيل رحلته
صرخ المدرس بوجهي وهو يرفع يده ويرميها على خدي الايسر ويقول ايها الوغد يا ابن الكلب كيف تضع مقصوصات كفرية بجانب كتب الفقه والتوحيد والقران في شنطة المدرسة
لم اتحرك ولم اتكلم بل بكيت وانا اردد اسم هوميروس في صدري مثل تميمة البقاء
كنت ذاك الطفل السمين الذي يأكل الثلج بمتعة شرب النبيذ يجرشه بين أسنانه ويستمع إلى طقطقة فكه الأسفل، كمن يؤسس علاقة بين الصوت وألم أسنانه، وخلعها بعد أربعين سنة قادمة الطفل السمين المتشح بصمت لا تفسير له، كان يكره البياض في الأشياء، وحدها أمي كانت تعرف السبب سبب خوفي من اللون الأبيض اللون الذي يلهج في عيون الموتى من الأصدقاء
--
شاهدت نفسي غلاما
يستمني أثناء المذاكرة
ويجلب الخبز في طاعة مذلة
يطارده صبيان المدرسة
مثل كلاب مسعورة
ليرفع طرف أسفلت الشارع
مثل سجادة الصلاة
ويختبئ تحته
.خلسة يتلكأ ويصغي لتهليل المارة وعذاب الموتى تحته
--
مقطع من نص حذاء من صمت من ديوان الموت يراودني
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق