اتذكر انني كنت اجلس الى البحر وأتلوا عليه ما تيسر من كتب اسرقها خلسة من مكتبة والدي هكذا ببرائة لا يمكن وصفها اركض حافي الاقدام الى البحر وانا احمل بين يدي كتاب يصل الى نصف صدري لفرط ضخامته مثل الالياذة لهوميرس او الكوميديا الالهية لدانتي او الفصول الاربعة او حتى طواسين الحلاج واجلس الى صخرتي اسميها صخرة اللقاء في جزيرتي دارين التي ولدت فيها
.
.
.
اجلس على الصخرة وامد رجلي لتلامس الماء واغرق في تلاوة لاحد الكتب التي لم اكن افهمها لصغر سني استمر في القراءة حتى يصل الماء في مد لا يتوقف الى اعلى من الساق قليلا والاسماك الصغيرة تدغدغ اصابع قدمي بمودة قد لا اجدها في مكان اخر وحده مغيب الشمس ينبهني الى حتمية التوقف والعودة الى المنزل هكذا كنت اقضي الايام بطقوس حذره لم اخطط لها مسبقا اين اجد نفسي بالواقع انا مازلت ابحث عن نفسي حتى هذه اللحظة لكن حتما اشعر بشوق للطفل السمين المغرم بالشوكولاته وبكتب لا يفهمها ذاك الذي تلبسني في مرحلة مبكره
.
.
.
لذاكرة الطفولة تجليات زرقاء ان صح لي القول لن ابالغ ان مارست هذا الادعاء الواقعي في انني ابن البحر الشرعي وابي هو هذا البحر النائم بمبحة اصطبغت روحي البكر بمائه وتعلمت لغة التأمل من امواجه لقنني البحر اكثرالمفردات غموضا وسحرا كلما اوغل الطفل في تفسير علاقته بالبحر تدهشه اللحظة المجبولة بالتفاصيل صغيرا كنت والبحر رفيقي زعنف ذراعي واشعل الفتنة في الصدر البحر بطبيعة الحال يسكنني وينتقل من مكانه داخل الروح الى الورق ليندس بين الطيات حتى ان المذيع التلفزيوني محمد العلي وفي لقاء لقناة التلفزيون السعودي لقبني بشاعر
البحر لشدة تمظهر البحر في النصوص التي اكتبها اعتقد انها العلاقة الكثيفة التي يتركها البحر كوشاح شفاف فينا وشاح لا يمكن التخلي عن روعة انسداله في الروح
.
.
.
علي حقا ان اعترف ان اختياري لتخصصي الدراسي لم يكن صدفة لم اخطط لها بل كان رغبة تراودني فبعد تخرجي من الثانوية كان حلم السفر واكتشاف الكره الارضية يأسرني ان انافس النورس الذي اغبطه واتحول الى كائن يسافر عبر البحار بسفينة تشق عبابه دون ان تؤلمه كانت فكرة تسحرني والدي اطال الله في عمره كان يصر على دخولي كلية الطب لكن لم اتخيل نفسي يوما امسك بحقنة او مشرط او سماعة اعلقها حول رقبتي مثل تميمة خاصة انني اكره الحقنه واخافها هذا الخوف يرافقني حتى الان يا سيدتي كما ان جزء من روحي يتوق لدخول كلية الادب والاحتفاء بهواء اتنفسه كل يوم لكنني لم اندم على اختياري للملاحة خاصة انني قريب من البحر صديقي الابدي في النهاية نحن حصيلة ما نختاره ويجب ان نشعر بالفخر حتى لو كان الاختيار لا يعجب الاخرين
كما أنني أكره الاطباء بوصفهم حاملي الحقن والسماعات
.
.
.
حقوق الكتاب الادبية المنتهكة من قبل المسؤولين على مؤسسات الاعلام في عالمنا العربي للأسف الاعلام السعودي والعربي لم يخدمني ابدا اعتقد انها مشكلة تواجه كل المبدعين العرب في اوطانهم ثمة قطيعة متعمدة بين الجهات المسئولة عن مشاهدنا الثقافية وبين المثقفين العرب انا شخصيا اشعر بالحزن والمراره لعدم اهتمام الاعلام العربي بأنجازاتنا العالمية انا وغيري من المبدعين عزائنا الوحيد هو لحظة صحوة قادمة تشعرهم باهمية احتضان ابنائهم وعدم التفريط بهم خاصة ونحن نشاهد هجرة العقول العربية الى الغرب بسبب هذا الاهمال لكن في النهاية انا اكتب لأنني اريد ان اكتب ولا اهتم ان كان هناك مقابل مادي لما اكتب يهمني فقط ان اكتب وان انصت لذاتي المنهكة وهي تتنفس على الورق عبر الكتابة ولا يهمني لو لم اخذ حقي
ابدا
.
.
.
بالنسبة لي المرأة تجسدالوطن والحياة والتفاصيل اليومية وهي مكون يكاد يكون طاغيا على كتاباتي فكل ما في المرأة من شفافية وعشق وحسن وحب يجعلها حاضرة في نصوصي الشعرية واحتفائنا بهذ الحضور يعكس انسجام ارواحنا السوية التي تقدر المرأة الانسانه في مجتمع لا يقبل الانسجام معها مجتمع يقصي المرأة ويضعها في زاوية بعيدة عن الصورة ومركزها بعيدا عن الضوء انا احاول في كتاباتي ان اعيدها الى مكانها الطبيعي بوصفها الجزء الذي لا يمكن الحياة بدونه بوصفها الانساني على اقل تقدير وحتى لو لم انجح في اعادتها الى المشهد فيكفيني شرف الكتابة عنها
.
.
.
لست منذورا لتحرير المرأة السعودية من قيود المجتمع انا كشاعر مهمتي الوحيدة ان اشير الى الخلل ان اصرخ من بعيد والوح بيدي الى حيث يجب التحرك ثم امضي الى سبيلي او الى الموت البحث عن الاسباب ليس مهنة الشاعر و لا اريد ان العب دور غير دوري في المجتمع كشاعر رغم ان البعض يحاول تحويلي لى مصلح اجتماعي او مؤرخ تاريخي او اخصائي تربوي وهذا يدعوني للضحك
ان مهمتي كشاعر مختلفه واكثر صعوبة اعطاء الحلول ليس مهنتي ابدا ولا يجدر بي ان اعطي حلول ابدا انا كشاعر منحني الله قدرة الرؤيا في العتمة قدرة ان اسبر الغور بحدسي المفرط بالتكهن
ثم اكتب هذه الرؤيا وامنحها بشكل مجاني لمن سيستخدمها فيما بعد ليوجد الحل وانا اعتقد ان على المرأة ان تنقذ نفسها من براثن القيود المقيته لا اعلم لماذا اكره غلاف الضعف الذي تحاصر المرأة نفسها به عليها استحضار شجاعة الانثى التاريخيه والتوقف عن البحث عن المنقذ الرجل الذي سيخضعها لسلطته فيما بعد
.
.
.
بالطبع هناك شاعرات وروائيات عربيات اتابعهن بشكل منتظم وانتظر اصداراتهن بفارغ الصبر اعتقد ان الاقلام النسائية قد تحررت من القالب النمطي الذي وضعها فيه الرجل ومن البرقع الذي يخفي ملامحهن الادبية وانتاجاتهن الفكرية وانا حقا سعيد بهذا الامر
لكن دعينا لا نذكر اسماء معينة حتى لا اظلم من لم اذكر اسمائهن
.
.
.
اريد ماء سأكمل دون ماء
.
.
.
الكثير من النقاد يطلقون علي القاب جديدة كل فترة وصدقيني لا اعلم سبب مقنع يجعلهم يفعلون هذا لكن اعتقد انها تعدد الشخوص في نصوصي احترامي وتقديري الكبيرين لكلّ الذين خلعوا عليَّ عباءات من الألقاب، تعبيراً عن مزيد من الإعجاب، أرى أنّ الألقاب حواجز تفصل بين الإنسان وحقيقته، لذلك لا أطمح إليها أبداً، ولا أرى فيها امتيازاً خاصاً، فكلّ شاعر في بلده تُطلق عليه الألقاب من معجبيه، الذين يفصّلون له حلل الثناء وأردية المديح، ويضفون عليه من الإطراء ما يرفع قامته لكن انا اعلم ان الالقاب دليل محبة وحفاوة من النقاد والمتابعين انا شخصيا لا افضل اي لقب سيكون من الرائع ان اعلن تنازلي عن كل الالقاب
تحياتي
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق