حسناً أيها النبلاء لا أملك أمام كياني الهشّ غير الإعتذار لكم عن أشياء كتبتها ولا سلطة لحواسّي عليها أعرف أنني مأخوذ بهواجس الحدس والتضاد وثمة تصرفات مقيتة أفعلها يتعذر التنبؤ بها صدقوني أنا أحملق بعينين تائهتين يتوجّب انتشالهما من الندم يتوجب غسلهما ربما .. أنا أعتذر لكم عن حماقة لا يقصدها شاعر يمر بأزمته النفسية المعتادة شاعر تشطره الحياة إلى أكثر من شخص يوبخ نفسه وينتحب وحيدا لفرط الضياع
.
.
ثمة طاقة حميمة يحسن هذا الكائن بثّها في روحكَ هكذا أتحدث مع نفسي أحاول أختصار الطريق الشائك بيني وبين الشخص الذي يسكنني الشخص الذي لم افهمه قط ...ولم أقف على رغباته المحيرة فهل أجد في قلوبكم متسع من المحبة ..هل تقبلون اعتذاري
.
.
لست وحيدا داخل جسدي صدقوني ثمة شخص في الداخل يرغب في وضعي داخل الندم دفعةً واحدة بالعديد من المختصرات، لكي يحلو له التفرّغ، كلما تسنى له الوقت لتعذيبي وكبح جماح إنسدالي معكم وأنسجامي في محبتكم ..الغريب أنه ينجح في إقصائي ينجح دائما...فهل تقبلون اعتذاري
.
.
لا أزعم الطهر ولا ينبغي لي أن أدنسكم بدمي المتخثر الذي يسد مجاري التنفس في قصبتي الهوائية هو الهجوم الأول والهزيمة الثانية لست مزيفا ولا أحمل الحقيقة المطلقة أنا مجرد شاعر شاعر يقتات الناس على حزنه وضجره وشعوره بالموت ...أعترف أنني افكر بقطب شرياني البارز في معصمي أسفل الرسغ وأراقب الدم وهو يلون قميصي وينداح إلى السجادة وسكين المطبخ التي حلقت بها ذقني غير بعيدة ...فهل تقبلون اعتذاري
.
.
في طفولتي كنت أبكي بصمت مثل البجع كلما ارتكبت حماقة عابرة وسمعت صراخ والدي وهو يبحث عن العسو والعسو هو جريد النخل الملتف المؤلم ولا أعلم إن جاز لي تسميته بالغصن ذو الشجون وكلما جلدني والدي على ظهري بالعسو اصرخ وأجهش بنحيبي المكبوت وأغمض عيوني كنت أتمنى أن أطفو مرتفعاً عن الأرض لئلا أسمع وقع العسو على بشرتي التي ستتلون لعدة أيام بالأحمر الداكن كنت أبكي في فراشي وحيداً وأنظر إلى السقف وأضع أحتمال أن تتحدث معي الملائكة ...وبعد كل هذه السنين مازلت أنظر إلى السقف كل ليلة ...فهل تقبلون اعتذاري
.
.
كانت أمي تسمع بكائي اخر الدهليز فتعبر الرواق المائل إلى غرفتي وتنام بجانبي هكذا وبخفة النوارس تضمني إلى صدرها وتهمس في اذني رشوود لا تبكي أنا احبك رشود وكنت مثل ورقة مبللة أدس وجهي تحت وجهها وأتنفس رائحتها وأتركها تنام فيما أنا مستيقظ أسمع دقات قلبها بحرص كنت أتفادى النهوض عن سريري قدر الإمكان، متنازلاً عن الحاجات الضرورية طوال الليل، لئلا أوقظها من نومها في الصباح أبحث عنها فأجدها في سرير والدي والعسو بجانبه وهو نصف نائم وسجائره ترمقني بخبث كنت اكره العسو والسجائر ووالدي ...فهل تقبلون اعتذاري
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق