Translate
الخميس، 17 أبريل 2014
اشربوا هذه الكأس معي ..
أزور قبر أمي كل يوم ممسكاً بكيس صغير وضعت فيه عباءتها السوداء كي أغطيها بها عندما تقوم القيامة وتبعث أمي من قبرها ...أكره رؤية أمي الفاضلة عارية يوم البعث و النشور ...أنا الذي لا بداية لي غير قصائدي الركيكة التي تثير سخرية النقاد وأعجاب المراهقات ..أعلق وطني كالذبيحة بعد أن أفتح ثغرة بين عصب العرقوب والساق ..أكمل سلخ وطني واسحب اليدين والرقبة من الجلد ثم أقوم بشق الجلد من المنتصف كي أدخل أصبعي وأدفع أمعاء وطني إلى الداخل قبل أن أقطع الصفاق وأصل إلى القفص الصدري وسط وطني ..اكز بطن وطني بأصبعي الهائل مخرجاً الكرش والأمعاء ..تجتمع الكلاب في رأسي حول وطني المعلق ...ارمي لهم الأمعاء وأنام جائعاً وخالياً من الأمل كنقطة أخر السطر ..وطني أيها المتخم بالخراء ..تنتابني كالفجيعة كلما تجشأت في وجهي ..أنا المصاب بالصمت المزيف أبحث فيك عن مساحة صغيرة كافية لموت طويل...أنا صندوق الأمانات الفارغ أستجدي مآذن المساجد البعيدة لأدعية مجانية كي أدفن في قبر مفتوح لرجل لا يعرف كيف يموت ... أنا الذي يرمي قلبه المتحجر بين أرجل المارة في كورنيش الدمام ..يباغتني الخوف كلما سمعت صوت الغياب ينزلق خلفي ..أستجدي القطط كي تتشبث في لحمي وتصنع فاجعتها اليومية ..أستجدي الذباب كي يدخل فمي ويصنع غصة مرة في حلقي ..أستجدي البحر كي يلفظني كجيفة نتنة تتعفف عنها النوارس ويرفضها التراب ...أنا الناقم على كل شيء أمسك سكيناً حادة وأطعن الريح في كبدها ...أحصي عدد الأقدام العابرة في حلمي وأنتظر الموت كل ليلة ...كل ليلة ...
الثلاثاء، 15 أبريل 2014
مختبيء في لحظة سرية بين أفكاري
أيها الناس أنا الشاعرالذي يحاول النوم دون كلاب تنبح في رأسه و تنهش احلامه المتواضعة ... وكنت كلما شعرت بالملل أجلب ورقة بيضاء وأصنع نساء من قصائدي ..أصنعهن على مقاس رغباتي المشرعة للسماء ..وبالحروف وحدها أنحت لهن ملامح مألوفة و أعضاء تناسلية وملابس داخلية ..كنت أخلقهن كإله وأتغزل ببعضهن قبل أن أنهي حياتهن بتمزيق الورقة ورميها في سلة المهملات ..ما حدث بالضبط هو أنني سمعت صوت بكاء في سلة المهملات ..نظرت داخل السلة ووجدت واحدة من النساء اللواتي أخلقهن في قصائدي .. خفت منها بادئ الأمر لكن سرعان ما تمالكت نفسي ..قلت لها :هيه أنتِ كيف لكِ أن تتنفسين وتبكين وأنتِ مجرد فكرة في قصيدة ولقد وضعت لكِ قدركِ المحتوم ومزقت الورقة قبل قليل ... تذكرت أنني لم أخلق لها فماً في القصيدة ..أقصد أنني كتبت كل شيء عن ملامح وجهها وعيونها وجسدها ولونها وشعرها لكنني لم أكتب أي شيء عن فمها لهذا هي عاجزة عن الكلام ...مالذي ستفعله فتاة دون فم في عالمي المنهك بالضوضاء أنا الذي قضيت حياتي كلها أحاول التآلف مع صمت الكائنات التي تنهش خاصرتي في الليل وتبول في أذني .. كان علي أن أفرح بخروج امرأة حية تتنفس في عالمي الموحش ..لكنني مع الوقت صرت خادماً لها وكل يوم أغسل وجهها بالماء و الملح و البهارات المستوردة ثم أضع لها طعاما مهروساً أدخله في جوفها من خلال ثقب صغير في عنقها .. ناهيكم عن تغيري لفوطة العادة الشهرية التي تصيبها بشكل مضجر ومستمر ..وبسبب غيرتها الحمقاء منعتني من كتابة الشعر خوفاً من خلقي لمنافسة لها ... لذا قررت أنهاء حياتي معها..فما كان مني غير المشي بشكل مستقيم ولمدة أربع سنوات دون أن التفت إلى الوراء ...
.
.
أنا الآن بخير ...لكنني مختبيء في لحظة سرية بين أفكاري ..توقفت عن كتابة القصائد الغزلية ..أعتدت على النوم مع كلاب تنبح في رأسي و تنهش احلامي المتواضعة كل ليلة ...كل ليلة ...
.
.
أه ..نسيت أن أقول لكم : اللعنة هذا فيه مضيعة لووقت ..
.
.
رشدي الغدير
الجمعة، 11 أبريل 2014
يتخللني الإحساس بالقرف من نفسي
في القاعة أقل من عشرين مُسن يجلسون على نصف المقاعد فيما جلس الشعراء الجدد على النصف الأخر ...المحاضر يثرثر عن دور المثقف المهم في وعي المجتمع ..نظر أحدهم إلى صديقه الواقف وأشار إلي وقال هذا كرسي فارغ تعال أجلس عليه ...فما كان مني غير السكوت وتحمل وزن الرجل الذي جلس فوقي ... أنا لا أتذمر ولا أحتج لهذا فأنا غير مرئي ..حتى القراء الذين يحاولون أسعادي في مجاملاتهم أنا بالنسبة لهم غير مرئي أيضاً ..دائماً ما يجلس علي الناس ...دائما يرتطمون بي ..دائما تدهسني السيارات ..دائما ما يؤلمني شعور أنني غير موجود .. دائماً ما أشتم والعن وأسب وأصرخ كي أقنع الناس بأنني موجود لكن رغم هذا لا أحد ينتبه إلى وجودي بينهم ...وفي المرة الوحيدة التي أنتبه بها شخص إلى وجودي كانت لحظة أعتدالي في الكرسي لأطلق ضرطة حادة كانت كفيلة بجعله يهرب خارج القاعة ...
.
.
يسكنني الإحساس باللاجدوى من الكتابة ..فيؤلمني رأسي.. أسأل نفسي: ما الذي أفعله الآن هنا؟ هل سأكتب لهم وأنا أعرف أن كل ما سأكتبه سيضيع كالهباء... يتخللني الإحساس بالقرف من نفسي.. أنا
كالدود الذي ينخر أجساد الأموات... تعبت من الكتابة عن أصدقائي الموتى وعن النساء التائهات في ذاكرتي وعن طفولتي الباهتة ...كتاباتي لم تنقذني من إحساس الوحدة ولا من ضجر الحياة اليومية القاحلة .. أعود إلى البيت في حالة فصام حادّة حوّلتني إلى إنسان افتراضي في الأنترنت ..أنا مجرد مجموعة صور ونصوص لا يكترث بها أحد ..أما في الواقع فأنا الشخص الذي يغمضون الناس أعينهم عنه كما يفعلون مع الإعلانات التي لا تعجبهم في التلفزيون ...أعيش الفصام وأحسّ أن لي رائحة الحمامات العامة في كورنيش الدمام ...
.
.
ذات مرة شاهدت ملاكاً يسقط من السماء فأسرعت لأتلقفه بيدي ..لكن سقوطه كان أسرع مني ..وصلت إليه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ..قلت له :هون عليك أيها الملاك لماذا لم تضرب الرياح بأجنحتك النورانية لماذا لم تحاول أن ترتفع قليلاً قليلاً بدل أن ترتطم على هذا الرصيف .. رفعت الملاك من الأرض وإذا بصوت امرأة يأتي من الدور الثالث في العمارة : أترك ملابس الغسيل ولا تسرقها ...أن الأمر ببساطة هو أنَّ سيجارة الحشيش التي أحرقت دماغي جعلتني أشاهد الملائكة تسقط أمامي ... وظهرت الأصوات غير المسموعة في رأسي .. مرة أخرى : أترك ملابس الغسيل يا حرامي ...قلت لها : أنا مش حرامي غسيل أنا شاعر يا بنت الكلب ....
.
.
رشدي الغدير
الأربعاء، 9 أبريل 2014
الشاعرات لا يحلقن شعر عاناتهن
قلت في داخلي : أنا جائع ..فما كان مني غير ترك نوايا الطريق تأخذني على مهل ثم مددت يدي إلى رأسي وأخرجت تفاحة وقضمت يدي ...كنت في طريقي لألتقي بالشاعرة التي تواظب على وضع اللايكات لي في الفيس بوك و الانستغرام .. كانت نحيلة وذابلة تشبه دمعة طازجة ذرفت للتو .. على الرصيف المقابل كان هناك عراك يدور بين مجموعة درباوية حمقى..اقتربت منها وقلت : هل تشعرين بالخوف .. قالت : نعم ...أنا خائفة ...كانت قصيرة و سمراء...طوال الطريق كنت أشعر بمؤخرتها الصغيرة تتراقص بشكل مرن ..دخلنا مطعماً متواضعاً جداً أخرجت لها كتابي الأخير وقعت لها إهداء على الغلاف .. بدت لي حزينة تحت النقاب و العباءة ..حبست رغبتي في طرحها على طاولة الطعام و تجريدها مما كانت تلبسه...شعور ما كان يقول لي بأنها هشّة كبسكويتة بالزبدة ..أردت أن أشرح لها أن الشعر الذي تكتبه هراء وأنني معجب بمؤخرتها أكثر من قصائدها ..أردت أن أخبرها أنني ذلك الشخص الذي يجلس عاقد الحاجبين مع الشعراء الآخرين من دون أن يتكلم إذا لم يوجه أحد له الحديث وحتى حين أنطق تخرج من فمي الشتائم فقط ... لكنني لم أفعل ...
.
.
تركتها تتحدث دون مقاطعة ..كالت لنفسها المديح و الثناء وتناولت الأشياء بتجرد غروري غبي ..أنغمست في قصائدها تتلو لي الواحدة بعد الأخرى ..وأنا صامت .. أكتشفتُ أنها لم تتمكن من الخوض في أي موضوع بعمق ..أكتشفتُ أيضاً أنها تشفق على نفسها بشكل خفي وأن زواجها وأمومتها كانا قد فُصّلا على مقاسها دون أي رغبة منها وأن والدها وضع لها خطة حياتها و الكثير من الحواجز أمام عفويتها التلقائية ومقارباتها الحدسية للعالم حولها ..كل هذا حدث وأنا صامت .. أنا الذي يعرف العالم وحكايات المدن وتواريخها رغم أنني لم أخرج من الدمام المقدسة يوماً .. أن الذي يذهل الناس دائماً بسعة اطلاعه وقراءاته المستفيضة في الأدب و التاريخ و السياسة ...كنت صامتاً وضجراً ومستعدا لأغتصابها على طاولة الطعام ... لكنني لم أفعل ...
.
.
عندما خلعت نقابها وشيلتها داخل المطعم شعرت بأن رذاذ من الماء الشهي يجعد شعرها الأسود حتى بدت وكأنها ليست أكثر من فاتنة فاجرة من البدو الرحل تجلس أمامي ..قالت : ما رأيك هل تعتقد أنني جميلة ... قلت لها : لماذا أشعر أنكِ تتسولين كلمات الأعجاب مني .. لبست بسرعة وخرجت غاضبة وهي تقول أنها أدركت وسلمت أن مصيري المناسب هو قعر النسيان وأن رشدي الغدير مجرد رجل وقح وليس شاعراً ..لقد أختفت من حياتي تماماً .. ذهبت هي ولايكاتها الكثيرة ...لكنها لم تدرك أنني شاعر يعيش على الحافة .. وأن فرصتي في النجاة من الهذيان قليلة وأنني لست موظفاً عند أحد ولا ينبغي لي أن أكون .. أنا أهرب دوماً من أن أكون خاصاً لأحد ...النساء يكرهن الحقيقة ..لكن بإمكان الشِعر أن يؤثّر في قلوبهن مؤقتاً..
.
.
دعوني أخبركم أنني على ثقة أنها لم تكن تحلق شعر عانتها ... أنا أكره شعر العانة الكثيف وهذا سبب كافي لأنسفها من ذاكرتي ...
.
.
رشدي الغدير
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)