Translate

الجمعة، 11 أبريل 2014

يتخللني الإحساس بالقرف من نفسي

0e42f5fe746611e39a3012c7f8976b8f_8


في القاعة أقل من عشرين مُسن يجلسون على نصف المقاعد فيما جلس الشعراء الجدد على النصف الأخر ...المحاضر يثرثر عن دور المثقف المهم في وعي المجتمع ..نظر أحدهم إلى صديقه الواقف وأشار إلي وقال هذا كرسي فارغ تعال أجلس عليه ...فما كان مني غير السكوت وتحمل وزن الرجل الذي جلس فوقي ... أنا لا أتذمر ولا أحتج لهذا فأنا غير مرئي ..حتى القراء الذين يحاولون أسعادي في مجاملاتهم أنا بالنسبة لهم غير مرئي أيضاً ..دائماً ما يجلس علي الناس ...دائما يرتطمون بي ..دائما تدهسني السيارات ..دائما ما يؤلمني شعور أنني غير موجود .. دائماً ما أشتم والعن وأسب وأصرخ كي أقنع الناس بأنني موجود لكن رغم هذا لا أحد ينتبه إلى وجودي بينهم ...وفي المرة الوحيدة التي أنتبه بها شخص إلى وجودي كانت لحظة أعتدالي في الكرسي لأطلق ضرطة حادة كانت كفيلة بجعله يهرب خارج القاعة ...
.
.
يسكنني الإحساس باللاجدوى من الكتابة ..فيؤلمني رأسي.. أسأل نفسي: ما الذي أفعله الآن هنا؟ هل سأكتب لهم وأنا أعرف أن كل ما سأكتبه سيضيع كالهباء... يتخللني الإحساس بالقرف من نفسي.. أنا
كالدود الذي ينخر أجساد الأموات... تعبت من الكتابة عن أصدقائي الموتى وعن النساء التائهات في ذاكرتي وعن طفولتي الباهتة ...كتاباتي لم تنقذني من إحساس الوحدة ولا من ضجر الحياة اليومية القاحلة .. أعود إلى البيت في حالة فصام حادّة حوّلتني إلى إنسان افتراضي في الأنترنت ..أنا مجرد مجموعة صور ونصوص لا يكترث بها أحد ..أما في الواقع فأنا الشخص الذي يغمضون الناس أعينهم عنه كما يفعلون مع الإعلانات التي لا تعجبهم في التلفزيون ...أعيش الفصام وأحسّ أن لي رائحة الحمامات العامة في كورنيش الدمام ...
.
.
ذات مرة شاهدت ملاكاً يسقط من السماء فأسرعت لأتلقفه بيدي ..لكن سقوطه كان أسرع مني ..وصلت إليه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ..قلت له :هون عليك أيها الملاك لماذا لم تضرب الرياح بأجنحتك النورانية لماذا لم تحاول أن ترتفع قليلاً قليلاً بدل أن ترتطم على هذا الرصيف .. رفعت الملاك من الأرض وإذا بصوت امرأة يأتي من الدور الثالث في العمارة : أترك ملابس الغسيل ولا تسرقها ...أن الأمر ببساطة هو أنَّ سيجارة الحشيش التي أحرقت دماغي جعلتني أشاهد الملائكة تسقط أمامي ... وظهرت الأصوات غير المسموعة في رأسي .. مرة أخرى : أترك ملابس الغسيل يا حرامي ...قلت لها : أنا مش حرامي غسيل أنا شاعر يا بنت الكلب ....
.
.
رشدي الغدير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق