مختبيء في لحظة سرية بين أفكاري

أيها الناس أنا الشاعرالذي يحاول النوم دون كلاب تنبح في رأسه و تنهش احلامه المتواضعة ... وكنت كلما شعرت بالملل أجلب ورقة بيضاء وأصنع نساء من قصائدي ..أصنعهن على مقاس رغباتي المشرعة للسماء ..وبالحروف وحدها أنحت لهن ملامح مألوفة و أعضاء تناسلية وملابس داخلية ..كنت أخلقهن كإله وأتغزل ببعضهن قبل أن أنهي حياتهن بتمزيق الورقة ورميها في سلة المهملات ..ما حدث بالضبط هو أنني سمعت صوت بكاء في سلة المهملات ..نظرت داخل السلة ووجدت واحدة من النساء اللواتي أخلقهن في قصائدي .. خفت منها بادئ الأمر لكن سرعان ما تمالكت نفسي ..قلت لها :هيه أنتِ كيف لكِ أن تتنفسين وتبكين وأنتِ مجرد فكرة في قصيدة ولقد وضعت لكِ قدركِ المحتوم ومزقت الورقة قبل قليل ... تذكرت أنني لم أخلق لها فماً في القصيدة ..أقصد أنني كتبت كل شيء عن ملامح وجهها وعيونها وجسدها ولونها وشعرها لكنني لم أكتب أي شيء عن فمها لهذا هي عاجزة عن الكلام ...مالذي ستفعله فتاة دون فم في عالمي المنهك بالضوضاء أنا الذي قضيت حياتي كلها أحاول التآلف مع صمت الكائنات التي تنهش خاصرتي في الليل وتبول في أذني .. كان علي أن أفرح بخروج امرأة حية تتنفس في عالمي الموحش ..لكنني مع الوقت صرت خادماً لها وكل يوم أغسل وجهها بالماء و الملح و البهارات المستوردة ثم أضع لها طعاما مهروساً أدخله في جوفها من خلال ثقب صغير في عنقها .. ناهيكم عن تغيري لفوطة العادة الشهرية التي تصيبها بشكل مضجر ومستمر ..وبسبب غيرتها الحمقاء منعتني من كتابة الشعر خوفاً من خلقي لمنافسة لها ... لذا قررت أنهاء حياتي معها..فما كان مني غير المشي بشكل مستقيم ولمدة أربع سنوات دون أن التفت إلى الوراء ...
.
.
أنا الآن بخير ...لكنني مختبيء في لحظة سرية بين أفكاري ..توقفت عن كتابة القصائد الغزلية ..أعتدت على النوم مع كلاب تنبح في رأسي و تنهش احلامي المتواضعة كل ليلة ...كل ليلة ...
.
.
أه ..نسيت أن أقول لكم : اللعنة هذا فيه مضيعة لووقت ..
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق