الشاعرات لا يحلقن شعر عاناتهن

قلت في داخلي : أنا جائع ..فما كان مني غير ترك نوايا الطريق تأخذني على مهل ثم مددت يدي إلى رأسي وأخرجت تفاحة وقضمت يدي ...كنت في طريقي لألتقي بالشاعرة التي تواظب على وضع اللايكات لي في الفيس بوك و الانستغرام .. كانت نحيلة وذابلة تشبه دمعة طازجة ذرفت للتو .. على الرصيف المقابل كان هناك عراك يدور بين مجموعة درباوية حمقى..اقتربت منها وقلت : هل تشعرين بالخوف .. قالت : نعم ...أنا خائفة ...كانت قصيرة و سمراء...طوال الطريق كنت أشعر بمؤخرتها الصغيرة تتراقص بشكل مرن ..دخلنا مطعماً متواضعاً جداً أخرجت لها كتابي الأخير وقعت لها إهداء على الغلاف .. بدت لي حزينة تحت النقاب و العباءة ..حبست رغبتي في طرحها على طاولة الطعام و تجريدها مما كانت تلبسه...شعور ما كان يقول لي بأنها هشّة كبسكويتة بالزبدة ..أردت أن أشرح لها أن الشعر الذي تكتبه هراء وأنني معجب بمؤخرتها أكثر من قصائدها ..أردت أن أخبرها أنني ذلك الشخص الذي يجلس عاقد الحاجبين مع الشعراء الآخرين من دون أن يتكلم إذا لم يوجه أحد له الحديث وحتى حين أنطق تخرج من فمي الشتائم فقط ... لكنني لم أفعل ...
.
.
تركتها تتحدث دون مقاطعة ..كالت لنفسها المديح و الثناء وتناولت الأشياء بتجرد غروري غبي ..أنغمست في قصائدها تتلو لي الواحدة بعد الأخرى ..وأنا صامت .. أكتشفتُ أنها لم تتمكن من الخوض في أي موضوع بعمق ..أكتشفتُ أيضاً أنها تشفق على نفسها بشكل خفي وأن زواجها وأمومتها كانا قد فُصّلا على مقاسها دون أي رغبة منها وأن والدها وضع لها خطة حياتها و الكثير من الحواجز أمام عفويتها التلقائية ومقارباتها الحدسية للعالم حولها ..كل هذا حدث وأنا صامت .. أنا الذي يعرف العالم وحكايات المدن وتواريخها رغم أنني لم أخرج من الدمام المقدسة يوماً .. أن الذي يذهل الناس دائماً بسعة اطلاعه وقراءاته المستفيضة في الأدب و التاريخ و السياسة ...كنت صامتاً وضجراً ومستعدا لأغتصابها على طاولة الطعام ... لكنني لم أفعل ...
.
.
عندما خلعت نقابها وشيلتها داخل المطعم شعرت بأن رذاذ من الماء الشهي يجعد شعرها الأسود حتى بدت وكأنها ليست أكثر من فاتنة فاجرة من البدو الرحل تجلس أمامي ..قالت : ما رأيك هل تعتقد أنني جميلة ... قلت لها : لماذا أشعر أنكِ تتسولين كلمات الأعجاب مني .. لبست بسرعة وخرجت غاضبة وهي تقول أنها أدركت وسلمت أن مصيري المناسب هو قعر النسيان وأن رشدي الغدير مجرد رجل وقح وليس شاعراً ..لقد أختفت من حياتي تماماً .. ذهبت هي ولايكاتها الكثيرة ...لكنها لم تدرك أنني شاعر يعيش على الحافة .. وأن فرصتي في النجاة من الهذيان قليلة وأنني لست موظفاً عند أحد ولا ينبغي لي أن أكون .. أنا أهرب دوماً من أن أكون خاصاً لأحد ...النساء يكرهن الحقيقة ..لكن بإمكان الشِعر أن يؤثّر في قلوبهن مؤقتاً..
.
.
دعوني أخبركم أنني على ثقة أنها لم تكن تحلق شعر عانتها ... أنا أكره شعر العانة الكثيف وهذا سبب كافي لأنسفها من ذاكرتي ...
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق