كانت أمي تهمس في اذني وانا نائم مثل خروف صغير على بطني وهي تربت بيدها المصقولة بعناية على ظهري الممتد مثل سجادة صلاة لم يسجد عليها أحد قالت أمي يا ولدي هناك ملاك على كتفك الأيسر يسجّل عليك السيّئات وملاك اخر يجلس على كتفك الأيمن يسجل لك الحسنات ولا تراهما ولن تراهما أو حتى تشعر بوجودهما ... لم تعلم أمي أنني لم أنم تلك الليله وأنا ألتفت يمنة ويسرة واتحدث مع الملائكة وأطلب منهما الرحيل عني كنت ابكي بحرقة لشعوري بالانتهاك من قبل الملائكة كلما دخلت الحمام وأنا عاري كنت اغطي عورتي بيدي واصرخ بهما اغربا عن كتفي انا لا اريد ملائكة تراقبني في الحمام
.
.
.
ثمة قنبلة تحت لساني وأنا خائف جداً خائف من مجرد فتح فمي والتحدث معكم أعلم أن البعض منكم سيضحك ساخراً وهو يقرأ الفقرة السابقة. سيسرّ إلى نفسه قائلاً: رشدي الغدير، ما علاقة الخوف بك وأنت شبه ميت ولا تهتم لشيء ولا حتى تفكر بمشاعر الناس حولك .. حسناً هو تساؤل اطلقه كلما أقتنصني الخوف من صمتي ذلك التساؤل الهاملتي القاسي: "نكون أو لا نكون"بالواقع أنا لا أحتاج اجابة منكم فقد عرفت الإجابة في طفولتي وحفظتها في سرداب ضيق لا مفاتيح لبابه الموصد
.
.
.
لما رفعت الكأس الموشوم بخمرة الفقد والنسيان التفت الى كتفي الأيمن وأقول له حسناً لا تغضب ستكون هذه اخر مرة ثم التفت الى كتفي الأيسر وابتسم وانا اهمس هل أنتهيت من التسجيل أعرف أنني شخص ممل لفرط سيئاته المتراكمة لا عليك سأتوب قريبا وستأخذ اجازة مؤقتة يا صديقي
.
.
.
العزلة تبدو مستحيلة مع ضيوف دائمين على كتفك هكذا أقول لنفسي كلما شرعت بالكتابة عبر هذه المسافة، الممتدة من االخوف الى الخوف ليس أقل من العزلة سوا الوجود دون تحقق للحرية إذن، فإن العزلة والوجود هما شيء واحد ... اللعنة هذا محبط ليس غير الموت وحده سيخلصنا من هذا العذاب عندئذٍ، عندئذٍ فقط، نستطيع أن نقول إننا في حرية نادرة
.
.
.
ماذا سيحدث لإيميلاتنا وماسنجراتنا بعد أن نموت هل عندكما إجابة يا من تستحلان كتفي
.
.
.
هل أعترفت لكم من قبل أنني أتقن تفاصيل الموعظة وأنا نصف ثمل كلما ساقتني رجلاي الى طريق لا أعرفه وتناسيت وجودكما على كتفي باغتني الفرح وارتفع صوت غنائي ولفرط الفرح أصاب بالحزن والتعب بسرعة أسند ظهري الى جدار صامت يشبهني ثم اسأله ما الحب فيقول الجدار : «غواية وفقد وموت .. غوايته : شُغل القلب بالقلب عن القلب ، وفقده : شغل الروح بالروح عن الروح ، وموته : شغل الوجود عن الوجود بالوجود . فأبتسم وأتمسح بالجدار وأهمس في اوسع ثقب في وجهه : أحسنت أيها الجدار الحكيم
.
.
.
سأذهب لدس وجهي في رحم الوسادة مثل كل يوم
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق