هذه الليلة واسعة بلا معنى .. واسعة لدرجة أنني صليت 20 ركعة دفعة واحدة بأتجاه القبلة حتى أن الجدار مل من وجهي ... أيها الجدار الوغد لا تنظر إلي بخبث فأنا أعلم أنك تقول في نفسك : أي مسلم هذا الذي يعبد الجدران وربه في السماء ؟؟ لماذا لا توجه رأسك إلى الله بدل أن تثقب صدري بركعاتك العشرين ... حسناً أيها الجدار الخبيث توقف عن كونك جداراً غبياً ... و تعال هنا أجلس قبالتي وحاول أن تكتب ما يدور في رأسي .... صدقني أيها الجدار خلال ساعات سأحولك إلى شاعر ... وستحترمك كل الجدران في المدينة .... اللعنة ... أنتم لا تعرفون شعور رجلا يتحدث مع جدران غرفته في تمام ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) ....
.
.
في طفولتي وفي تمام ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) .. انتظرت حتى خرج الجميع ، وتسللت إلى المطبخ كي أثقب إصبع قدمي الكبير بمثقاب الثلج الحاد .. كنت أريد أن أتأكد من وجود الدم في الجزء الأسفل من جسدي .. لطالما كنت أعتقد أن الدم لا يصل إلى قدمي وأنه محبوس في ذراعي فقط وفي رأسي ربما .. بالفعل .. تمكنت من رؤية الدم ... لكن الدم لم يتوقف ... بعدها عدت لسريري واثقا أن الدم في قدمي موجود بكثرة و أن الثقب سيلتئم من تلقاء نفسه لكن الثقب أستمر بالاتساع والدم أستمر بالخروج حتى كدت أفقد دمي كله في تمام ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) .... يالي من طفل أحمق ...
.
.
اليوم على الغداء في تمام ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) شعرت بشفقة حادة تجاه نفسي لأنني في هذه اللحظة كنت أفعل شيئا يثبت إلى أي مدى أنا ضعيف وخائف وغير سعيد .. تذكرت اصدقائي الموتى في قبورهم .. تذكرتهم كلهم دفعة واحدة في تمام ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) أصدقائي الموتى فعلوا ذلك كثيرا من قبل .. كثيرا جدا .. لأنهم كانوا مثلي تماماً .. ضعفاء وخائفين وغير سعداء .. كانوا يعرفون أنهم ذاهبون إلى قبورهم لا محالة .. رغم كل مزاحهم الثقيل وضحكاتهم المتطايرة في مدينة الدمام .. نفس الشعور بالضبط كان يراودني في تماما ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) .. شعرت و كأنني لست أنا الذي يفعل ذلك .. وكذلك هم ليسوا من فعلوا ذلك .. هو شيء واحد بداخلنا كلنا يجبرنا أن نفعل هذا كي نشعر بأننا مثيرين للشفقة إلى هذه الدرجة .. شيء واحد يثبت أننا مجرد أشياء صغيرة لا يكترث بها الأخرون في تمام ( الساعة الواحدة والنصف ظهراً ) ...
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق