Translate

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

أغربي عن وجهي

r-1


كنت دائماً ما أرى المرأة البائسة تتسول في نفس المكان ..اشارة تقاطع شارع الملك سعود تحديداً ..كنت لا أستطيع أن أمتنع عن النظر إليها ومقارنتها بنفسي، هي وحيدة في الشارع تتسول من الناس ما يرتق جوعها .. وأنا في غرفتي الحقيرة أشحذ من الأوغاد في الفيس بوك و الانستغرام و تويتر ما يبدد وحدتي الأزلية ... (أغربي عن وجهي ) هذا ما قلته لها عندما أقتربت من نافذة سيارتي ... ويبدو أنها لم تسمعني جيدا لأنها التصقت أكثر في باب السيارة ونظرت مباشرة في عيوني .. قلت لها : لن أعطيكِ شيء .. قالت : أنت أكبر حيوان ..وهي تغوص في عباءتها السوداء مبتعدة ..
.
.
لم أنم تلك الليلة شعرت بالحزن وبالفراغ وبدأت أسمع صوت طنين المرأة البائسة في أذني : أنت أكبر حيوان ... أقنعت نفسي أن هذه المرأة حمقاء لأبعد الحدود وليس لديها عقل ولا تعرف شيئاً عني اطلاقاً .. في اليوم التالي جاءت تلك المعتوهة في عباءتها السوداء ونقابها الضيق من جديد .. أغلقت نافذة سيارتي قبل أن تصل لكنها وضعت يدها على زجاج النافذة ... قلت لها لن أعطيك شيء أرحلي ... قالت أنها تريد أن تعتذر عن شتمها لي بالأمس لكنني لم أكترث بها وبقيت تطلب مني انزال نافذة السيارة حتى تحولت الاشارة إلى اللون الأخضر ثم مضيت بسرعه ...قلت في نفسي لابد أنها حمقاء لتظن أنني أهتم بإعتذارها من عدمه
.
.
مرّ يومين ولم أشاهد المرأة البائسة عند اشارة المرور ..صرت أنظر من نافذة السيارة بين الحين والآخر لأتأكد من أنها ستظهر في أي لحظة ...لكنها لم تظهر ... بل ظهر رجل كبير في السن يبدو عليه المرض .. بعد أيام أختفى .. لم أكن أعلم أنه والد المرأة البائسة وأنه مريض جدا ويحتاج لاجراء عملية في القلب ولم أكن اعلم أن المرأة البائسة دهستها سيارة و فارقت الحياة في نفس اليوم الذي وضعت يدها على نافذة سيارتي ..ولم أكن أعلم أنها أبنته الوحيدة وأنها ضحت بكل شيء من أجل والدها المريض ... أدركت أن هذه المرأة لم تكن تأتي لتتسول...ربما كانت تشفق علي..ربما أكتشفت حقيقتي أنني أكبر حيوان...
.
.


رشدي الغدير


رحمها الله واسكنها الجنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق