Translate

الخميس، 5 أبريل 2012

المطر حيث لا نتوقع ... و الموت حيث لا نريد ...

 



سأعترف بالحقيقة ...حين هبطتُ من السماء قبل اثنان وخمسون سنه رأيتُ الناس يحملون وجوهاً غير وجوههم ... بعضكم يحمل وجهاً من لذة والاخر يحمل وجهاً من النسيان و وجهاً من الندم و وجها من الدم و الدعاء والصلاة ... فما كان مني غير انتزاع وجهي الأول ورميه في مزبلة القرية ... ثم مددتُ يدي في قلبي مرتبكاً وأخرجتُ وجهاً صغيراً جداً وضعته مكان وجهي الأول ... وها أنا أعاملكم بوجهي الأخر ... يالبراعتي النادرة لقد كنت اخدعكم طوال الوقت ... حتى أنكم لم تلاحظوا عيوني المليئةً بالشمس ... اللعنة .. هذا فيه مضيعة للوقت ...


.


أنا مريض وحرارتي مرتفعة .. هذه هي فرصتكم الوحيدة لقتلي ... هيا أغتنموا الفرصة قبل أن تعود لي صحتي وأقضي عليكم .. واحداً ... واحداً ... صدقوني لن اتسامح معكم وسأجز رقابكم بسكين المطبخ ... أقتلوني فوراً ولا تكونوا جبناء ... حسناً سأمتنع عن تناول الدواء لمدة يوم .. فقط لأمنحكم المزيد من الوقت ....


.


حسناً أيها النبلاء .. لقد قررت أن أنسى الماضي تماما .. أن أمحو من ذاكرتي كافة محتوياتها الجميلة والسيئة والغير مفهومة ، سأبدأ من جديد .. الحمدلله فأنا محظوظ بشكل ما لأن حياتي كانت مهيأة لمساعدتي على التخلص منها : والدي ووالدتي ميتان ولي ثلاثة أخوة مشغولون بأنفسهم حد الهوس ولي خمس أخوات يكرهنني بشكل نادر ... وأصدقائي قليلون ... ولا عشيقات عندي ... كما أنني أملك حصانة فطرية ضد الحنين والندم ويمكنني التعايش مع الأشياء الجديدة بشكل سهل ... لكن ثمة مشكلة واحدة تواجهني ... يمكنني معالجتها بزجاجة خمر واحدة كل ثلاثة أيام ...


.


حسناً هذا مبشر جداً .. سيتم تضمين مناهج التعليم في السعودية بسيرتي يوما ما ... سيتلوا الطلبة والطالبات قصائدي وأعمالي كورد يومي ... ستكون الاسئلة في الاختبارات النهائية تدور حول كنه تجربتي .. مثل س-1 : أين ولد الشاعر العظيم رشدي الغدير .. س-2 : متى وكيف أنتحر الشاعر العظيم رشدي الغدير .. س-3: ما علاقة مجبوس الهامور بتجربة الشاعر العظيم رشدي الغدير و هل كان لمرقة الشعوم تأثير في لغته الشعرية قبل رحيله ... سحقاً لكل المناهج التعليمية التي تغفل تجربتي دون قصد ... اللعنة هذا فيه مضيعة للوقت


.


 كشاعر له تجربة خاصة ومختلفة عن كل الكائنات في هذا الكوكب الحقير ... أرى أنه من الظلم والاجاحف أن يستمر نشيدنا الوطني السطحي والعقيم والفارغ من الفنيات الشعرية واللمسات الموسيقية ذات القيمة الفنية ( سارعي للمجد والعلياء ) أقول من الحماقة أن نستمر في تلقين اطفالنا كل صباح هذا النوع من الهراء .. ابراهيم خفاجي الشاعر الذي كتب النشيد الوطني هو بالكاد شاعر أقصد أنه شاعر غنائي عادي جدا .. وانتم تعرفون أن أرذل الشعراء وأضعفهم وأقلهم قدرة هم الشعراء الغنائيون .. أه كم أشفق عليهم ... بهذا أرفع لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود رغبتي في كتابة نشيد وطني جديد للسعودية يليق بمكانة المملكة وحضورها الدولي .. كما وسيتم تلحين نشيدنا الوطني الجديد من قبل الفنان أبو رايش بعد ان توقف عن قرع الطبول في حفلات رابح صقر و تفرغ لتلحين النشيد الوطني ... تذكروا النشيد الوطني ليس مقدس مثل القران القران الكريم ويمكن تأويله وتزييفه وتزويره وتحريفه مع أبو رايش


.


ضقت ذرعاً بمغادرة أصدقائي للحياة تباعاً ... تباعاً .. مثل سرب قلنسوات قذرة تموت وحدها دون رأس تقبله ... نعم تمنيت كثيراً أن يموتو ولكن لم أعلم أن الموت ينتظر أمنياتي ليحققها .. توسلت مثل توسل الصحراء للطائرات أن تسقط .. لقد توهمت أن كل ما يطير في السماء هو مشروع مطر .. المطر لا يسقط إلا عندما لا أتوقع سقوطه ... وها أنا أمر بجانبي وأنا أبحث عن ما يشبهني ... داخل المكتبة والمقهى وفي مواقف السيارات...حتى داخل الإنترنت يبيعونني كل شيء إلا جواباً حقيقياً على سؤالي القديم...


.


كم بقي لي هنا؟ ... اللعنة كم بقي لي هنا؟ ... كم بقي ... أريد أصدقائي الموتى أريدهم كلهم دون نقصان ... كلهم دفعة واحدة ... 


.


لن يغامر الليل بهدوئه ليقول عنه الجميع أنه إجتماعي وهادئ




إنه فقط هكذا




وسيظل دوماً هكذا




وسيظل يحمي البشر من مواجهة ضعفهم




أنا فقط متردد بين نوعين من الفاكهة




هل أخلط السم ببرتقالة أو ثمرة تفاحٍ شهية




أو ربما أحتفظ برصاصة داخل التفاحة لأموت شهي الرائحة




أو أعلق المشنقة بعد أن أجففها من عطر البرتقال




لكن كل الروائح الجميلة لا تغير الحقيقة الأخيرة




المطر حيث لا نتوقع




والموت حيث لا نريد




والروائح هي طقس هامشي




كم سيتمدد الشاطئ على ما إعتادت أن تكون قدمي وأنا جثة هامدة




ويستريح فقط من يقتل نفسه عند الشاطئ الحجري ... هو سقوط واحد ... و ينتهي حنيني للمتوى ... سقوط واحد ...




.




.




رشدي الغدير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق