Translate

الخميس، 5 أبريل 2012

تسعة ريالات قذرة في جيبي ....

 



غارق في سوائلي ... أرفع أضلاعي واحداً واحداً أردم توقي بطين الناس و شهقات الليل لأستر عورتي.. أخطو خطى واسعة أمام موتي ... أضحك كثيراً .. ترتفع يداي كلما هوت .. أعبر نبرة صوتي كمشدوه ذاهب إلى حتفه ... أعلق حول عنقي حبالاً أربطها بغيمة عابرة .. أتمدد في نهاري الطويل كساعة معطوبة .. أنادي نفسي من بعيد : هيه أنت أيها المتوّج بالنوم ، قل لي.. أمن أجل رغيف واحد تباغت عيوننا كمن يفسر اضطراب المياه تحت أقدامه الكثيرة ... تشبث بموتك : أقول لنفسي .. تشبث ... تشبث ... تشبث ... تشبث ... وكأنك الراء الكسولة في اسمك الخامل ...


.


ومثل أي سعودي قذر رحت أقيس زوايا نهد المرأة التي تشحذ عند اشارة المرور كلما مدت يدها الضئيلة كملعقة تغرف الحسنات من المارة ... قالت : ساعدني يا سيدي أنا أمرأة فقيرة .. فضحكت في وجهها .. ثم أمعنت في تحقيرها ... أنا الذي ينهر السائل ولا يتحدث بنعمة ربه ولا يحض على طعام المسكين ... نعم، أحجمت عنها مثلما أحجم دائما عن أي أذىً في طريقي دون أن ترد في مخيلتي أدنى فكرة لإماطته..


.


إنها لم تكُ تعلم أنني لا أحمل في جيبي سوى تسعة ريالات فقط ... تسعة ريالات مهترأة تعود إلى عهد الملك فهد .. تسعة ريالات هي محض ما ورثته من عهده الجميل.. كأي سعودي قذر ...


.


ولأن الابتسامة صدقة .. رحت أتجهم وأسود وأكتظم وأسطلم و أرتد و أتجشأ في المتجشئين و أكفر و أفجر و أتوب و أعود و أنهزم و أهتزم و أهتز و أهتز و أهتز و أرتكب و أرتبك و أبتكر و وأستكبر و أعتذر و أتعذر و أعذر .. وأنام و أستيقظ .. مثل أي سعودي قذر ...


 .


حسناً أيها النبلاء .. لقد قررت أن أنسى الماضي تماما .. أن أمحو من ذاكرتي كافة محتوياتها الجميلة والسيئة والغير مفهومة ، سأبدأ من جديد .. الحمدلله فأنا محظوظ بشكل ما لأن حياتي كانت مهيأة لمساعدتي على التخلص منها : والدي ووالدتي ميتان ولي ثلاثة أخوة مشغولون بأنفسهم حد الهوس ولي خمس أخوات يكرهنني بشكل نادر ... وأصدقائي قليلون ... ولا عشيقات عندي ... كما أنني أملك حصانة فطرية ضد الحنين والندم ويمكنني التعايش مع الأشياء الجديدة بشكل سهل ... لكن ثمة مشكلة واحدة تواجهني ... يمكنني معالجتها بزجاجة خمر واحدة كل ثلاثة أيام ...




رشدي الغدير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق