مثلما كان يحدث في الماضي ؛ كنت سآخذك من يدك البعيدة جداً وأذهب بك إلى حجرة أبي وأجلس على الأرض واضعا ذقني على ملامحك الصغيرة وسأتلو عليك جزء من الكتب القديمة التي يحتفظ بها أبي في دولابه الواحد تلو الآخر .. كنت سأقرأ الحكايات الخالية من الموت وأنا أستمع إلى الدهشة الخفيفة في عيونك .. لكن يدك البعيدة تمسك بالغياب وتحاول التعتيم على خلودها .. كلما سألتني : هل سيعود أبي من السماء .. الأموات لا يعودون من السماء يا أحمد دعني أكمل لك القراءة ... تفشل عيونك في حبس دموعها كما تفشل روحي في تأثيث علاقة موشكة مع النسيان ... تمسح دموعك وتلتفت إلى كرسي والدي وتقول : أرأيتِ كيف أن الموت لا يمكن أن يخطيء أبدا في اختيار من نحبهم؟ ... الموت أبن الكلب يريد أن يذكرك بأنك ـ ككل الآخرين ـ تمتلك حزناً عليك رعايته جيدا ... نعم يا أحمد معك حق دعني أكمل القراءة ... لكنك تنتخب المؤذي من الجهات لتشير بأصبعك النحيل إلى الكرسي الذي تفوح منه ذكريات الطفولة بكل ما تستوعبه من مشاهد وحكايات وملامح .. لديك دائما إمكانية أن تضعني في المهب يا أحمد .. كأنك تنتزع يدك البعيدة جداً ...
Translate
الخميس، 26 يوليو 2012
لن يعود والدكم من الموت يا صغاري ...
.
أيتها الرشيقة الأنيقة ذات الشعر المخملي الطويل لا تفزعي كلما فتحتي باب غرفتي وكأنكِ تدخلين مغارة ساحر يمارس طقوسا مخيفة ...لقد كنت أكتب الشعر .. وكان قلبك الصغير يدق بشده وأطرافكِ ترتعش لهول نظرتي الحادة والصوت القوي والعميق الذي يظل رنينه يتردد في فراغ الحجرة للحظات بعد غيابه .. لم أقصد أن أثبت كل هذا الرعب في عيونكِ ... ولفرط الفزع تهرولين كفكرة سريعة لتحضني ذراعي الطويلة وتهمسي في خوف :هل سيعود أبي من السماء .. الأموات لا يعودون من السماء يا فاطمة دعيني أكمل عملي ... ترتجف الغصّة الغليظة في حلقكِ وتتوسلين بعينين مذعورتين لليد السمينة التي تمسح على شعركِ المخملي .. لقد زارني بابا البارحة في الحلم يا رشدي ... يا فاطمة أن الأشياء التي نصفها بالأحلام ليست دليلا على يقين ما كذلك الأشخاص في الحلم أنهم يذكروننا طوال الوقت بأنهم غير موجودين هم أموات فقط ... أموات .. اللعنة على قسوتي المتبجحة .. كانت كفيلة بأنهمار دموعك الساخنة لثلاثة أيام متتالية .. سامحيني يا فاطمة
.
ماذا تطلبين مني أن أكون كي لا يتم تصنيفي كشاعر مجنون او كزنديق أو ملحد أو رويبضه ... أيتها العنقاء الموشومة بفجر البياض المنهال حتى أخر ثمالة البؤبؤ الفاتن ... أتريدين مني أن أكون الشاعر الذي يكتب قصائد الحب فقط ؟؟ أأجهش بالبكاء على فراق الحبيبة والطم خدي كمخنث ؟؟ مثل كل الشعراء الجبناء ؟؟ لقد ولدتُ نبياً من ماء ومتمرداً على كل القيم المتجمدة ولست موظفا عند أحد ولا ينبغي لي أن أكون .. لستُ محرّكاً للغرائز، بل محرقاً لها ومشعلها الأبدي وسادنها .. تقولين : يا أخي سيساء الظن بك، وبمواقفك سيتهمونك بالمجون والكفر والزندقة .. حسناً أيتها الفجر .. أنا لا أريد أن أكون إنساناً سوياً مقبولاً ومعترفاً به .. لا أريد أن أتحول إلى مجرد شخص يضاجع زوجته وينجب الأطفال ثم ينتظر الموت بخوف وريبة واستسلام ... لا أريد أن أتظاهر بالطهر والفرح والغباء ... أنا سيد البؤس اليائس من كل شيء وسأموت يائساً من كل شيء وفي النهاية سأضحك من منظر عربة محترقة وأبكي كلما أنتهى المشهد ...
.
رشدي الغدير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، موضوع رائع ، تقبل مروري ، شكراً لك ، وجزاك الله كل خير
ردحذفتقبل مروري
رااااااااااااااائعة و حزينة جداً
ردحذفالله يرحم الوالد و الوالدة
انت الآن الاب و الام لأحمد و فاطمة و بقية خواتك .الله يحفظكم لبعض
ثقافة الهزيمة .. ناس هايصة و ناس لايصة
ردحذفقال المحامى "خالد على" رئيس المركزي المصري للحقوق الأقتصادية والاجتماعية، في ندوة عقدت في معرض القاهرة الدولي للكتاب، أن راتب المشير حسين طنطاوي، 3 ملايين جنيه، الفريق سامي عنان يتقاضى 2 مليون جنيه شهريا. متسائلاً: "كيف نتكلم عن الثورة والعدالة الاجتماعية وسط هذا الواقع؟"
...باقى المقال بالرابط التالى www.ouregypt.us
و نشرت جريدة المصرى اليوم فى 3 يوليو 2012 ذكرت مصادر مقربة من د. محمد مرسى، رئيس الجمهورية، أن الحكومة الجديدة المقرر تقليص عدد وزاراتها إلى 28 بدلاً من 32، بينما فى ألمانيا حوالى 82 مليون نسمة لا يتجاوز عدد الوزراء 14 وزيرا بالأضافة لمنصب المستشار الألمانى...
رحمهم الله واسكنهم فسيح جناته
ردحذفودمت لهم بار بدعاك لهم بالرحمه والمغفرة
لو تكرمت ,,,اود ان اسال سوال