أحقن نفسي بالطين كي أنسجم مع أبناء البشر الضعفاء

عندما مات والدي وقفت عند باب مغسلة الموتى المفتوح أنظر من بعيد لأخوتي وهم يبكون ثم أنظر إلى جثة والدي وهو يبتسم لذلك ابتسمت مما اثار حنق أخوتي وغضبهم ...قالت أختي أطردوه من هنا متيبس المشاعر هذا ...لم يشاهدني أحد وأنا أبكي ذلك لأنني فقدت قدرتي على البكاء مبكراً ..لقد نشأت في محيط جاف يسخر من فن التعبير عن المشاعر يسخر من الحب و الوله و الفقد ...حتى أنني لم أشاهد والدي يقبل والدتي في حياتي كما أن لا أحد يقبلني في الأعياد ولا في مواسم الأفراح المزيفة و السريعة .. كنت أحسد أصدقائي على ما يسمعونه من كلمات حنان من ذويهم وعندما أشاهد والد صديقي يقبله أقف صامتا ساهما وفي عيني نظرة مؤلمة لم يفهمها أحد حتى الآن ..
.
.
أه ..نعم أنا متيبس المشاعر الذي لم يبكي على أحد ...ينظر من بعيد إلى الموتى يهمهم بصوت أجش وبحنجرة منتفخة وعروق نافرة لكنه لا يبكي ...
.
.
عندما أهرب من الكلمات التي تؤذيني ..أنظر إلى المرآة و أتحدث من قاع معدتي الخاوية : الأسماك التي لا تعرف السباحة ليست جديرة بهذا البحر الواقف أمامي ..هذا البحر الذي تخاف خلايا دماغه من السرطان رغم أن أحلامه محتقنة بالمستحيل ...المستحيل الذي ترك وراءه شقوقاً على أرضية وجهي ..ليتهم فقط أنتبهوا لكل هذا الدم الذي يسيل من مخيلتي وليس إلى جفاف عيوني الخالية من الدموع...أحقن نفسي بالطين كي أنسجم مع أبناء البشر الضعفاء في هذه الحياة القذرة ..وكل ليلة أقتل حيواناتي المنوية وأنعيها في الصباح لأقتلها فيما بعد ...يستيقظ الموتى في رأسي وأن أمتطي شاربي دالي المجنون فيما بودلير يغسل الصحون في المطبخ وقاسم حداد يقشر برتقالة ويطعمني الوهم ... فيما أحاول البكاء ولا أنجح...
.
.
ما هذا الهراء؟
.
أنا أكذب .. والكذب أصابني بالبدانة ..
.
.
سأعيد المشهد من جديد وبالقليل من الدموع ...
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق