Translate

السبت، 1 مارس 2014

تلك الشفقة الممزوجة بالقليل من التهكم ..

رشدي الغدير


أخبرتني أبنتي أنكِ قلتي عني : رشدي الغدير وغد متعجرف .. قلتيها أمام الطالبات في الصف وأنتِ تضعين قدمكِ اليسرى فوق اليمنى ولا أعلم إن كنتي تنتعلين المنهج المقرر للطالبات لتزجي بأسمي قسراً وتحرجي أبنتي أمام زميلاتها .. ذلك الإحراج الذي جعلها تبتسم كرد فعل يثبت حماقة المدرسة وشعورها بالسخط على ذاتها .. وحتى وهي تنقل لي ما حدث كانت أبنتي تشعر بالشفقة عليكِ ..تلك الشفقة الممزوجة بالقليل من التهكم .. حسناً أيتها المٌدرسة الآن سأقول لكِ لمّ أنا وغد متعجرف !.. اسمعي هل تعرفين الصراصير ..كنتُ عندما أرى صرصوراً أعذبه بسيجارة مشتعلة وأخلع جناحيه وأراقبه وهو يحتضر أمامي قبل أن أسحقه بحذائي ..وعندما أرى سيارة جميلة واقفة أمامي أمرر مسمارا حاداً على طلائها قبل أن أثقب اطاراتها وأبصق على زجاجها الجانبي ..وعندما تنقطع الكهرباء أرمي زجاج الجيران بحجر وأهرب ...وعندما أرى قطاً في الشارع أحاول أن أنتزع زبّه قبل قتله ..وعندما أجد في رأسي قملة أضعها في طعام صديقي وأنا أبتسم .. وعندما تمرّ أبنة الجيران أنظر إلى مؤخرتها بحرص لأستمني عليها فيما بعد ... ناهيكِ عن كسري للمبات الشارع عندما أشتاق للعتمة وضربي لعمال النظافة عندما أشعر بالملل وبصقي على أبواب المقابر عندما أفكر في الجنة وشتمي المستمر لكل البلهاء الذين يمارسون القراءة لي بشكل منتظم في الفيسبوك و الانستغرام و تويتر ... أيتها المٌدرسة لقد أصبتي … رشدي الغدير هو الوغد المتعجرف الذي حذرتكِ أمك منه ...
.
.
أيتها المٌدرسة هل تعلمين أنني كنتُ أفرغ حاويات الزبالة من الأكياس و المعلبات وفوط النساء الصحية المستعملة لأنام داخل الحاوية عندما كان والدي يطردني من البيت ..لقد جرّبت كل شيء حتى الخيانة ..لم أكن في حياتي ضحية لأحد ولم أبك على أحد ولم أشعر بحنين مبهم لأحد ..كنت أخرج الحكمة من الكتب القديمة لأبول عليها ..وفي الحب كنت الحن نداءات النساء و أرقص على دموعهن وأضحك بشراهة ليس لها مثيل وكلما صفعتني الحياة رحت أضاجعها من الخلف وأضحك كلممسوس ... كنت أتعامل مع الكراهية كشعور بالرهافة ومع الوفاء كشعور بالنقص و الضعف و الغباء ...وطوال الوقت كنت أزعج السلطات بقصائدي المبهمة و العصية على الفهم ..طوال حياتي لم أدفع مخالفة مرورية ولم أتصدق على الفقراء ولم أمسح دمعة يتيم ..فيما ثروتي كلها ذهبت بين شقي صدر راقصة في كازينو مزدحم بالمخمورين من أبناء الذباب ...ثم ظهرت نبؤة الشعر ورحت أكتب دون هوادة حتى أنني أكلت لحم جيفة وأنا أشعر بالتخمة ثم أكلت نفسي أمام القصيدة ورحت أتسلى بقضم أصابعي ولعق معصمي الناتئ قبل أن أعلن وجودي كذئب صامت تلمحين عينيه في عتمة الأزقة أيتها المُدرسة ..ذئب يزبد فمه بسوائل بيضاء قذرة .. ويفكر جدياً بتمزيق وجهك لو حاولتي إحراج أبنته مرة أخرى أمام زميلاتها في الصف
.
.
رشدي الغدير
..........
ملاحظة : لقد كتبت هذه الرسالة و وضعتها في ظرف وأعطيتها أبنتي لتسلمها لمدرستها يداً بيد قبل أسبوع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق