بالغت في الحسنات و بالغت في السيئات حتى أنني أغضبت الله وأغضبت الشيطان
قالت الطبيبة :"ها هو" إنه يشبهك .. قلت لها :"نعم هو يشبهني بوضوح سافر .. وأكملتُ في داخلي: هذا المسكين لا يعلم أنني والده ...كنت سعيدا بك يا بن الـكلب ...ها أنت تكبر و تستنشق رائحة الأنانية في هذا العالم القذر .. أريد منك شيئاً واحداً فقط .. عندما أعجز عن الحراك أحملني إلى الحمام وثبتني جيداً و ساعدني في وضع مؤخرتي على المرحاض تماماً وأستمع لضراطي وأحفظه في داخلك كأقوال حكيمة تفيدك في المستقبل .. وعندما أنتهي من تفريغ الخراء ..أرفعني وأفتح شدقي مؤخرتي بشكل لطيف وأمسح ما التصق من الخراء .. هذا ما أريده بالضبط .. يمكنك أن تغرب عن وجهي عندما لا أحتاج الحمام ..هذا لا يزعجني اطلاقا ....
.
....قالها لي والدي : طز فيك يا أبني كن رجلاً وإلا سحقتك ... وها أنا أقولها لك ...طز فيك يا أبني كن رجلاً وإلا سحقتك ...
.
لا ينبغي لك أن تكون شاعرا مثلي ..فأنا أمارس الكتابة هرباً من الموت لهذا تتخذ كتبي شكل تابوت مغلق .. الموت ليس مجرماً ..المرض والألم والقتل لا يأتيك بعد حضور الموت المجرم الحقيقي هو أنت عندما تفكر بالموت وتهرب منه .... الموت ليس مجرماً ... يمكنك أن تعيش طوال حياتك دون أن تشعر بالخوف لكن لو تحولت إلى شاعر مثلي سيلتصق الموت في وجهك ولن يغادرك حتى بعد موتك ....
.
أسمع .. لا تمنح وطنك أكثر مما يستحق .. أنا علاقتي في وطني كعلاقة المناديل بالزكام ...تعيساً أنا أشاهدُ وجه البحر
وفي داخلي ألفُ سفينة تائهة لا تعرف الجهات ..أيها الوطن القاسي ..أغرب عن وجهي
.
أتبع ما يليق بعقلك و روحك ولا تكن مثلي أنا ..فأنا بالغت في الحسنات و بالغت في السيئات حتى أنني أغضبت الله وأغضبت الشيطان في نفس الوقت ... الله والشيطان يتعاركان في صدري دون توقف ...
.
أكمل دراستك و سأحتفل بنجاحك و سأقضي النهار كله في نفخ البالونات و تجميد وجهي على ابتسامة سخيفة لا تمثل مشاعري الحقيقية .. لن أفسد فرحتك فلا ذنب لك بكل هذا السخط الذي يقتات داخل رأسي .. إنها الحياة تحدد ندوبها جيداً وتحيلني إلى قبر متشقق لا يتسع لأحد ... أنت يا ولدي تجهل حقيقة كنهي وتجهل كل الأشياء التي أكتبها وأمزقها .. حاول فقط أن تنسجم مع حقيقة انني والدك و أفخر بي ولا تنتبه لفشلي الذريع في كل شيء فشلي الأبدي .. فشلي الماثل أمامي بثبات مثل صفعات جدك المتراكمة على وجهي ..
.
لا تستمع لنصائح أبناء البشر الضعفاء قل لهم لم يبق عندي حذاء أخيط نعله بنصائحكم لا شعر عندي للسارقين ولم تعد أبوابي تجيب الطارقين فوفروا نصائحكم وأجلسوا معي ندخن وطننا الأبله في لفافة ..ثم نبصقه على قارعة الوهم
.
.
نسيت أن أقول لك : طز فيك يا أبني
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق