والدتي : لقد فعلها من جديد أبنك هذا مجنون
والدي : هو طفل في الثالثة عشر من عمره ولم تصفعه الحياة بعد ليصبح مجنونا
والدتي : صدقني هو مجنون كان يفعل كل الأمور المقززة خلسة وبعيدا عن أعيننا وجدته اليوم يتباها بشيئه المتدلي أمام بنات الجيران خرج عارياً من الشرفة وشيئه منتصب بعد أن ربط حوله شريط أبيض قام يلوح به للمارة في الطريق وهو يضحك
والدي : لا حول ولا قوة الا بالله هذا الصبي لا يصلح لشيء وماذا فعلتي به
والدتي :لم أحتمل الامر صفعته على قفاه ولففته بالشرشف بعد أن سحبته مسحولا مثل قطعة لحم قلت له يا أبن القبح فضحتنا في الحي
والدي : وماذا حصل بعد هذا..؟؟
والدتي: لم أتمالك نفسي كان يضحك ويهددني بأنه سيبول على الستائر قبل شروق الشمس أخذت عامود المكنسة وضربته على رأسه في الواقع لم أتبين إن كان رأسه او مؤخرته كنت أضربه بشكل عشوائي ومستمر في كل مكان كنت فقط أريد سماع بكائه حتى أتوقف عن ضربه لكنه لم يكن يبكي كان يضحك ويصرخ بمزيج من الفرح والدهشة ويشتمني ويشتمك ويشتم الحي ويشتم نفسه
والدي : ما كان عليكِ ضربه بكل هذه القسوة
والدتي: بل يستحق القتل لن تصدق ما حدث وأنا في غمرة ضربه مد يده وأخذ عامود المكنسة من يدي وراح يضرب نفسه به وهو يقول هذا لا يؤلم هذا لا يؤلم يا أمي فالصبيان في المدرسة يحسنون ضربي أفضل منكِ ..وراح يبكي بدون دموع أنسلت يدي تحاول التربيت والكتمان لكنه لاذ إلى تحت السرير وراح يأكل الورق المكوم هناك أنت تعرف القصاصات التي يكتب فيها همهماته كلما أحكم عليه باب الغرفة
والدي : ماذا ..؟؟ يأكل الورق
والدتي : نعم راح يأكل الورق وبنهم لا يمكن وصفه يدخل الورقة في فمه ويلوكها مثل تيس الحضيرة ويلوكها ويبلعها مثل مشرد جائع وقع على مزبلة أحد الأمراء من ال سعود ..قلت له يا أبني كف عن دفعي للموت لماذا تفعل بي هذا ..
والدي : هذا يعني أن مدير المدرسة لم يكذب عندما أخبرني أن رشدي يأكل أوراق دفاتره ودفاتر الطلاب في الصف في البداية ظننته يمزح
والدتي : لا لم يكن يمزح ولدك يلتهم الورق وهو يفضل الورق المسطر بخطوط افقيه لكنه يخاف من الورقة البيضاء يقول أنها مسكونة بالجن ولا يجب المساس بها .
.بعد عشر سنوات .
.والدتي : أبنك هذا مجنون لقد فعلها من جديد
والدي :ماذا فعل بالضبط
والدتي : البارحة بعد خروجك من المنزل أفتقدته ذهبت إلى غرفته طرقت عليه الباب ولم يجب انتظرت قليلا وطرقت الباب مرة اخرى ولم يجب دفعت الباب وإذا بي أجده مرمي على الأرض مثل كومة ملابس متسخه وزجاجة الخمر بجانبه صرخت به يا حيوان أوتشرب الخمر في بيتنا قبحك الله ..لكنه مثل ثور مريض وثمل لم يتحرك هرعت إلى المطبخ أخرجت قناني الماء الباردة وسكبتها عليه كمن يسقي حقلا جافا دخل الماء في اذنه وفتح عيونه وهو يقول لي :عليكِ أن تخبزي من حنطة فخذكِ رغيف يقتات به المشرد والعابر والمسافر والغريب سأهدي كل منهم قضمة واحدة لا يجوع بعدها أبدا ..قلت له انا أمك يا حمار
والدي: وماذا حدث بعد هذا
والدتي: ركلته على بطنه ودفعت عليه كل الكتب المصفوفة على المنضدة وهو يزحف مثل جريح في الحرب إلى تحت السرير مسكت قدمه وسحبته إلى الخارج لكنه عاد يزحف إلى تحت السرير لم أجد غير زجاجة الخمر الفارغة رحت أضربه بها وهو يضحك ويقول يا أمي أنا ثمل ولا أشعر بشيء وكلما ضحك إزداد غضبي لم أكن أقصد تهشيم الزجاجة الثقيلة على مؤخرة رأسه توقفت عندما نزف الدم من شق مدبب تخلل شعره الطويل ... الغريب أنه واصل زحفه إلى تحت السرير
والدي : ما كان عليكِ ركله وضربه في هذه القسوة
والدتي : بل يستحق الموت ..
.بعد عشر سنوات .
.وجدت نفسي تحت السرير مبلل في ثمالتي ووالدتي تمسك أورقي وتبكي وفي جانبها والدي يمسك زجاجة الخمر الفارغة وهو ينتحب فيما أنا أضحك....مثل ممسوس..
.
.
.بعد عشر سنوات ..
.
.
أنا في الأربعين الان ذهب والدي وذهبت والدتي.
.وما زلت تحت السرير..
تستحق الموت !
ردحذف