Translate

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

ابتسامة صغيرة ..صغيرة فقط

30221_1392619989647_1656570184_949286_1545646_n


الولد الشاحب الشكل الذي قطع المسافة كلها من دارين إلى النادي الأدبي في الدمام .. بعد أن لقن قدمه لغة الرصيف سكن التعب ملامحه قبل أن يقف أمام الباب محتاراً كيعسوب ماء أبله..وجهه مرهق رغم وميض البهجة الخافتة أسفل عيونه ...يرتدي ثوباً أبيض يزيد من قوة تهكمه على المكان .. شحذ شكيمته كلها ليدفع الباب ويدخل متفرسا بما ينتظره في الداخل ..حزمة قصائده تطل من رأس حقيبته البنية كالصيصان الصغيرة تتنفس أصوات الناس و المكان .. قرر أن يستقبل أول كرسي في القاعة ويجلس فيه دون أن يلتفت او يتكلم .. راح يستمع لشاعر كبير يقف على المنصة شاعر لا يعرف اسمه .. ابتسامة صغيرة من الشاعر الكبير كانت كل ما يلزمه للمشاركة في صخب التصفيق الحاد .. وبعد فترة قصيرة أدرك الفرق بين الهراء الذي يخفيه في الحقيبة وبين السحر الذي يسمعه من شاعر الأمسية الكبير .. ظهرت على ملامحه سخرية الضجر .. الضجر الذي دفعه ليعطي ظهره للجالسين ويخرج مسرعاً دون أن يتخلى عن صمته أو بقايا شعوره بالخجل ..ليعود بعد عشرين سنة لنفس المكان ويقف هو على المنصة كشاعر كبير يتفحص بعيونه المدربة نفس الكرسي الأول في نفس القاعة .. الكرسي الذي جلس عليه قبل عشرين سنة ليجد ولداً خجولا أخر يجلس على نفس الكرسي يتابعه بخوف وخشية منتظراً ابتسامة صغيرة ..ابتسامة صغيرة فقط ..
.
.
حسناً ..دعونا نكتفي من الحديث حول طفولتي وبداياتي ... أنا أستعد الآن لأجتماع صحفي من أجل الإدلاء بتصريح ولقد لمعت حذائي ببصقة دبقة قل أن يجود فمي بمثلها .. بصقة دبقة تصلح لعملية استمناء سريعة أحشد فيها اهتزازات ذقون الفتيات اللعينات اللواتي يتمشين بقمصان النوم على سفح لحاء جمجمتي الداخلية كعربات فاكهة صيفية ملونة ... مرغت وجهي بسخافة الشعر وطردت كل الأفكار الوقحة بحثاً عن مفتاح سيارتي .. أين وضعتك أيها المفتاح .. أخرج أيها المفتاح فالحياة لا تشبهنا بشيء .... أخرج أيها المفتاح ودعنا نتعرف على الموت ونرتكب النهاية القصوى .. أخرج أيها المفتاح يا سليل الأقفال و السلاسل و الثقوب المسننة الضيقة .. أخرج أيها المفتاح ... يالها من مأساة يبدو أنني أضعت مفتاح سيارتي .. بدأت أشعر بكومة براز رابضة فوق كتفي .. ..اللعنة هذا فيه مضيعة للوقت ...
.
.
اه ... لقد وجدت المفتاح ..كان أمامي طوال الوقت ..وسأمنحه ابتسامة صغيرة ..صغيرة فقط
.
.
رشدي الغدير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق