أنتظري أيتها الأمنيات سأحققك بعد موتي

دون أن أشعر خرجت من المستشفى إلى الشارع .. أمشي دون هدف ...رغبت في أن أستوقف المارة في الشارع وأسألهم كيف يواصلون الحياة هكذا .. رغم أن أمي ماتت منذ دقائق قليلة في المستشفى ..لكنني ظللت أراقبهم في صمت ... في صمت .. كمن يبتلع أمواس حلاقة ..
.
.
أنتم أوغاد مزعجون جداً ... حتى لو علّقت على هذه الصفحة يافطة مكتوب عليها "أنا لستُ هنا"، لن يقنعكم هذا .. فأنتم تعرفون جيداً آثار رائحتي النادرة ...كما أنّ صمتي الأبدي يشي بوجودي المستتر ...أنتم حفنة بلهاء تريدونني عارياً مكشوفاً دائماً لكم ... أغربوا عن وجهي فوراً ..العالم يضيق بي و النعاس يشحذ نصاله المسنونة داخل عيوني وأنتم لا تعرفون النوم .. سحقاً لكم ...
.
.
حسناً .. قبل قليل طرقت الباب على نفسي ثم قلت لنفسي : من في الباب .. ثم جاوبت على نفسي : أنا .. أفتح الباب لو سمحت ...ثم فتحت الباب لنفسي وجلست مع نفسي وها أنا أتناول القهوة مع نفسي وألتهم وحدتي وأنعزل عن العزلة في عزلة جديدة ... يالها من حياة رائعة .. لكن لماذا لا أشعر بالسعادة رغم كل شيء ...
.
.
أنتظري أيتها الأمنيات سأحققك بعد موتي وسأخطف التماثيل الصغيرة لبوذا ولعبة باربي الشقراء وأنفخ فيهم من روحي وأطعمهم فتات السمسم و البسكويت سأعيد ترتيب الناس في بيوتهم وسأعدل أوضاعهم قبل النوم وبعده .. سأنقل مدينتي الدمام إلى مشارف نيوزيلاندا مع كامل براميل النفط النائمة تحتها وسأراقب والدي وهو يكتب قصيدة حب في أمي وسأشعر بالفرح ... فقط أنتظري أيتها الأمنيات ..أنتظري فقط ...
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق