لدى في وجهي عينان أكثر من اللازمِ صدقوني أشعر أنني أعرف الطّريق جيداً وبعد خطوات سأكتشف أنني قطعت المسافة كلها لكن إلى الوراء ثمة مشكلة في وجهي .. في عيناي تحديدا ... وفي المسافة ... هل أنا مريض
.
.
أعتقد انني مريض
.
.
لسنوات مكثت خارج محيط الثقة بالنص وكلما كتبت نصاً مزقته حاولت جاهداً مقاومة هذا الإغواء بعناد و بغباء مثل كائن معتزل يحسب أن المحيط يتواطأ أو يتآمر ضده من أجل إفساده أو تلويثه، و لا يعلم أن العالم لا يكترث به لن يصدق أحد بأن شخصاً واحداً مزق كل هذه النصوص رغم أن بعضها مكتمل وجميل في نظر بعض الأصدقاء الذين يزعمون أنني مجنون يتخلى عن أولاده ويرميهم في سلة المهملات لكن هو جزء من شخصيتي الشاعرة ولا يمكنني انتزاعه من عمقي الروحي الذي يشكلني كشاعر لا يتحكم بأغلب تصرفاته في النهاية أجمل القصائد تلك التي لم أمزقها بعد أو ربما لم أكتبها بعد
.
.
كنت وأنا صغير أحمل داخلي شعوراً يقودوني إلى إكتشاف الاشياء المكسورة في دواخل الناس كنت اراقب المارة أمام شارع بيتنا وأنا أتخيل أشكال أرواحهم والوانها كان هذا يحدث كلما أستعملت حدسي المفرط بالتكهن فقط لأفهم الكون من حولي لم اتجاوز سن الحادية عشرة بعد واكتشفت أنني لست وحيداً في جسدي وأن ثمة شخصاً اخر يسكن معي داخله ويرافقني دائما وحتى عندما بدأت في التحدث معه لم يكن ودوداً معي قال لي: إذا لم تكن شاعراً يا رشدي فليس لوجودي داخلك أي معنى
.
.
كنت أستمتع برؤية الدم يقطر من معصمي ويلون ثوبي بالاحمر القاتم في مراهقتي اعتبرت أن جرح يدي بالسكين هو الطقس الذي يجب ممارسته قبل الكتابة طبعاً كانت هلوسات مراهق وجد نفسه في المكان وحيداً أعتقد على حين غفلة أن الله فرغ له كوكب الارض ليعيش فيه وحده لكن مع مرور الوقت اتضحت له الحقيقه التي لم يصدقها طوال عمره أن الكتابة الشعرية هي موته الماثل دائماً وهو يعلم أن كل شيء سيتنكر له ولن يعود له ذكر ليجازف هذه المجازفة ويموت وهو شاعر
.
.
أنا شاعر و الشعراء لا يبيعون الوهم إنهم يوسعون الحقيقة ويمنحونها وجوداً فعلياً لما لم يكتمل بعد وجود متسع وأكثر رحابة من واقعهم تعلمت هذا في البدايات عندما كنت شاعرا صغير ينشغل في البحث عن قافية لعجز البيت القادم
.
.
سأغرس السكين في معصمي ما أصدق الشاعر مع نفسه عندما يقدم جسده كقربان لرسالته الشعرية أو لما يمور في داخله من عواصف فالشعراء يكتشفون بحدس المخيلة عوالم مختلفه تناسب ارواحهم وهم لا يحتاجون إلى كثير ليفعلوا ذلك فالجمال أيضاً بسيط وسهل عندما يختلط بالجنون إننا كشعراء نحتاج من الناس أن تؤمن بنا تؤمن بالكلمات وسطوتها تؤمن بجنوننا وبرغبتنا في الخلاص من العقل الرتيب الماسخ الذي يرتب حياتنا ويحيلها الى اللون الرمادي الباهت وحده الجنون يلون أيامنا باللذة
.
.
من جديد .... هل أنا مريض
.
.
زعم احد الاصدقاء أنني أعاني من مرض اسمه عدم الثقه بأحد كم يضحكني هذا ... أن اوشم بمرض لا وجود له لكن أنا على يقين أن السبب هو عدم فهم الاصدقاء لرغبتي الدائمة في عزلة متواصلة وان لا اتحدث عن امور لا تهم احداً غيري لكن أنت تطلب مني الإعتراف بذنب أرتكبته حين غفلة ربما لكن يمكنك ان تتعامل معي على اساس ان لا ذنوب عندي اخفيها
.
.
هل اسمي مغامراتي النسائية ذنوباً هل اسمي مغامراتي مع هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ذنوباً هل اسمي كشفي لكذب ونصب ودجل بعض الرقاة الشرعيين انها ذنوب هل اسمي كتب السحر والشعوذة التي احتفظ بها تحت السرير ذنوباً... هل اسمي الطرق الصوفية التي تنقلت بينها ثم رفضتها كلها ذنوب .... بصراحة لا اجد تفسير منطقياً لمجموعة معلومات يمكن تسميتها ذنوب... الا ان كنت تقصد اخفاء امر البثور والدمامل المنثورة في ظهري بشكل يدعو للغثيان انها ذنوبي ضد جسدي فأنا اوافقك في هذا لكن أنا أعترف أن ذنبي الوحيد الذي اقترفته كان عدم الإصغاء لنصائح بعض الاصدقاء والتي كلفتني الكثير
أشعر بالندم
.
.
بعد كل هذا ثمة سؤال يراودني ... لماذا تجتاحني الرغبة الجنسية بعد انتهائي من الكتابة ... هل أنا مريض
.
.
انا مريض
.
.
رشدي الغدير
Translate
الأربعاء، 15 يونيو 2011
من جديد .... هل أنا مريض ...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق