لم أكن احلم في طفولتي، كنت أهس في نومي بصمت مثل جذع شجرة مقصوفة، مثل متراس مرمي في ساحة المعركة ولا أحد يهتم به، مثل حفرة لا يقع فيها أحد، أغمض عينيّ وأغرق في سواد الشيء ولا أحلم أبدا..لم أكن أحمل حنيناً غير معلن لعالم غير موجود، ورغم هذا كنت مخلصاَ جداً للخدر الذي ينتابني
.
.
لكنّ أمي كانت تحدثني عن هذياني وتحركي وتجولي في البيت وأنا نائم، قالت أنني كنت أقوم بالليل وأقف قرب السرير أراقبه وأبتسم .. مثل روح تلقي على صاحبها السلام، والطريف أنّ جدتي أخبرتني فيما بعد أنني كنت أمشي إلى غرفتها وأنام مثل قط تحت سريرها، كانت تتركني لنفسي
.
.
نعم كنت أفعل هذا أقف قرب السرير أراقبه وأبتسم .. مثل روح تلقي على صاحبها السلام وأنا نائم على نفس السرير ...من كان يقف بجانب السرير كنت أنا ايضاً...وكنت اراقب كل شيء من بعيد
.
.
كنت أخاف من كل شيءٍ ساكن لا يتحرك، أخاف من الكراسي، من الشجر، من النوافذ .. أعتقد أنني كنت أخاف من الصمت الكامن في الأشياء حولي
.
.
كنت أخاف من الصمت...اللعنة لماذا ادمنته في النهاية وأصبح الصمت هو ملاذي الأخير ...
.
.
قبل أن أتحول لشاعر يمارس صمته الأبديّ كنت أهرب إلى الكتابة كلما صفعني حدسي المفرط بالتكهن، أذكر أن الشاعر الألماني "غوته" قال ذات مرة: "لكي نحسن كتابة بيت واحد، يلزمنا أن نحلم به" لكني لم أتفق مع "غوته" في هذه الحكمة، فأنا شخص لا يتقن الحلم
.
.
ما زلت لا أتقن الحلم
.
.
كنا ونحن أطفال في المدرسة نرتعش لفرط الخوف من مدرسنا الوغد اسمه أستاذ عادل، كان ابن الفسق يخرج لنا شيئه المتدلي ويطلب منا لمسَه وتحسُّسَه، وإن رفضنا طلبه كان يعذبنا .. يضع القلم بين أصابعنا الصغيرة ويضغط ثم يضغط .. ونحن نبكي، في النهاية كنا نسْتسلم لرغبته ونمسك قضيبه البشع بالتناوب، حتى جعَلنا نشعر أنّ قضيبه مادة مهمّة في المنهج، كان يحذرنا من حماقة إخبار أولياء أمورنا بهذا السّر، نعمْ .. كان يسْميه السّر.. ، السّر الخطير!.. هل تصدق أيها الطبيب النبيل أننا كتمنا السر لفرط رعبنا حتى تم نقله من المدرسة بعد أن منحته الإدارة جائزة أفضل مدرس؟! تصور ابن السخط هذا هو أفضل مدرس!! ..
.
.
لا أجدني منسجما مع استعمال تعبير مشاعر عاطفية عندما يتعلق القول عن لحظة الحب ..، اكتشفت هذا مؤخراً أنني شخص لا يعرف كيف يحب ولا يحمله شوق لأنثى بعينها، قد لا أفهم الأمر بوصفه أزمة وجودية بيني وبين الحب، كنت أظن أن دلالة الحب تحمل غالبا معالم غير واضحة أو مكتملة المعنى، فمثلا لفرط تداول كلمة الحب أصبحت أقع في خلط مبهم بين اشتياقي لجسد أنثى وتوقي لروحها .. لكني أنا شخص يصعب احتماله من قبل الأنثى وذاكرتي مشحونة بلحظات الهجر والنسيان
.
.
أعترف ... أنني وقعت في حب نساء كثيرات .. أكثر مما تتصورون ، كان يصدر صوت في داخلي، صوت لا أعرف مصدره يوبخني ويشوه صورتهن في خيالي ، وسرعان ما أستسلم للصوت .. وأهرب بعيدا مثل وغد يركل احتمالاته ويضحك .. كنت أمزق أرواحهن بالفراق والغياب المتعمد، كنت أشطر قلوبهن بفجيعة مخبوءة، أسمي نفسي بنمر النهد وتيس الفحولة، فيما أخفي عنهن خدوشي الصغيرة .. أحيط روحي بسياج منيع من الصّمت حتى لا تظهر نقاط ضعفي جلية، وأنا معهن كنت أعامل الحبيبة على أنها مشروع مستقبل فاشل يجب الخلاص منه سريعا ورميها في دهاليز النسيان ..
.
.
هذا لا يعني فشلي تماما في كل المغامرات الغرامية، ثمة واحدة فقط استطاعت جعلي أطوي المسافات من أجلها .. هي أنثى حقيقية والبقية زيف ..وحدها تمكنت من جس الشريان الضعيف في روحي، وحدها صفعتني بالحب واستحلبت فمي وعلمتني كيف أختصر الطريق إلى برزخ الفرح .. وحدها حولتني إلى شخص لا أعرفه، شخص يحب الهدية ويهدي والدته زجاجة عطر .. وحدها أسكتت الصوت الموبخ في داخلي
.
.
الحب هو نقطة ضعفي أكره الحب أكره أن يتحكم في عقلي الباطن ...، الحب يسكنني رغم أنني لم أنتبه لوجوده، كيف له أن يفعل بي هذا؟!! هل يمكنك تخليصي منه أو نزعه من داخلي؟ أريد أن أعيش مثل كل الناس بدون أشياء غامضة تحدث لي، طبعا هو ليس جنياً .. صحيحٌ لطالما اعتقدت أن الجن مخلوقات ضعيفة وغبية لا يمكنها كتابة الشعر أو البحث عن حلول، هل هذا صحيح
.
.
النساء المتراكمات فوق قلبي مثل ملابس متسخة علي حقاً أن أغسل اثار أقدامهن ...سأفعل
.
.
أمر مهم ... انا غير قابل للسيطرة والتهجين ولست مستعدا بعد لأتحول من الوغد الذي يركل أحتمالاته إلى مجرد مخنث ينفذ أوامر النساء ..أغربن عن وجهي يا نساء العالم
.
.
رشدي الغدير
Translate
الأربعاء، 15 يونيو 2011
انا غير قابل للسيطرة والتهجين ..أبداً
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق