نادم جداً

عرفت نفسي منذ الطفولة كنا أنا و أنا نربي الكلاب في جماجمنا ونقتلها فيما بعد ..هو يعرفني من رائحتي وأنا أعرفه من شكل أعقاب السجائر التي يرميها في الغرفة خاصة عندما يكون خائفا ومرتبك ويدخن سيجارة في مؤخرة سيجارة مثل قواد قلق على مومساته الضعيفات ..يحدث كثيراً أن نتعارك في الغرفة يحدث كثيراً أن يتهور ويصفعني على وجهي يحدث كثيراً أن يعتذر مني ويقبلني في عيوني وهو ممسك بالسكين ..يهمس في اذني ويقول : يا أنا لا تغضب أنت تعرف أنني أحبك واكرهك بصدق
.
.
- قبل سنوات كان محطماً وتائه مثل قنفذ عجوز في غابة ..كنت أراقبه من بعيد وهو يهم بالانتحار ..الأحمق قطب رسغ يده بالموس وراح يراقب تدفق الدم ..أقتربت منه ..أخذت الشفرة من يده ..وضممته إلى صدري فدخلنا في نوبة بكاء متواصلة ..أقنعته أن الحياة متسعة جداً رغم ضيق بنطالها وسخطها وكراهيتها على شخص ليس له ملامح محددة مثله ..نحن اصدقاء رغم كراهيتنا لبعضنا البعض.
.
.
- أحاول تنظيف صدري من الخوف وأن أجد من يلقي في جنازتي نكتة باردة ليبتسم القبر قبل أن أصفعه بعظامي.. يخيل إلي أنني أموت وسط زحام السوق وانا أمارس العادة السرية بقضيب من الريالات الورقية فئة المائة ريال تماماً ذلك لأني أفنيت عمري انا اؤدي جميع واجباتي مثل طاقم أسنان جديد في فم طفل
.
.
أنا مخلص جداً لفكرة الفناء وأتحدث عنها مثل نهر لايتوقف عن الجريان لهذا أستحق الشنق مثل بطل في نهاية الفيلم وحبيبته تبكي أمامه وتشق جيبها وتلطم مثل النائحات على مقتل الحسين
.
.
- هل أنت نادم على شيء
.
.
- لا لست نادما على شيء
.
.
رشدي الغدير
.........................
خارج اللعنة كان هناك حديث ممزوج بالندم في صدري حاولت اخفائه لكنه يباغتني مثل رصاصة في رأسي..ماذا سأقول لأطفالي .. هل أقول لهم أنني لم أفعل شيء في حياتي غير اشتهاء النساء والتقاط آثارهن على الأرصفة وفي محلات بيع الايسكريم والملابس الداخلية وجمع حرارتهن من سروج الخيل والمقاعد الأمامية في الباصات الذاهبة إلى مكة المكرمة هل أقول لهم أنني كتبت قصيدة ملساء وأنزلقت فوقها لأستقر في قاع الجب ليتركني يوسف والذئب والقميص الذي قد من دبر دون ماء .. لاشيء أتركه لكم غير الأسى يا أطفالي الصغار... لا شيء
.
.
أنا نادم جداً
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق