Translate
الخميس، 17 أبريل 2014
اشربوا هذه الكأس معي ..
أزور قبر أمي كل يوم ممسكاً بكيس صغير وضعت فيه عباءتها السوداء كي أغطيها بها عندما تقوم القيامة وتبعث أمي من قبرها ...أكره رؤية أمي الفاضلة عارية يوم البعث و النشور ...أنا الذي لا بداية لي غير قصائدي الركيكة التي تثير سخرية النقاد وأعجاب المراهقات ..أعلق وطني كالذبيحة بعد أن أفتح ثغرة بين عصب العرقوب والساق ..أكمل سلخ وطني واسحب اليدين والرقبة من الجلد ثم أقوم بشق الجلد من المنتصف كي أدخل أصبعي وأدفع أمعاء وطني إلى الداخل قبل أن أقطع الصفاق وأصل إلى القفص الصدري وسط وطني ..اكز بطن وطني بأصبعي الهائل مخرجاً الكرش والأمعاء ..تجتمع الكلاب في رأسي حول وطني المعلق ...ارمي لهم الأمعاء وأنام جائعاً وخالياً من الأمل كنقطة أخر السطر ..وطني أيها المتخم بالخراء ..تنتابني كالفجيعة كلما تجشأت في وجهي ..أنا المصاب بالصمت المزيف أبحث فيك عن مساحة صغيرة كافية لموت طويل...أنا صندوق الأمانات الفارغ أستجدي مآذن المساجد البعيدة لأدعية مجانية كي أدفن في قبر مفتوح لرجل لا يعرف كيف يموت ... أنا الذي يرمي قلبه المتحجر بين أرجل المارة في كورنيش الدمام ..يباغتني الخوف كلما سمعت صوت الغياب ينزلق خلفي ..أستجدي القطط كي تتشبث في لحمي وتصنع فاجعتها اليومية ..أستجدي الذباب كي يدخل فمي ويصنع غصة مرة في حلقي ..أستجدي البحر كي يلفظني كجيفة نتنة تتعفف عنها النوارس ويرفضها التراب ...أنا الناقم على كل شيء أمسك سكيناً حادة وأطعن الريح في كبدها ...أحصي عدد الأقدام العابرة في حلمي وأنتظر الموت كل ليلة ...كل ليلة ...
الثلاثاء، 15 أبريل 2014
مختبيء في لحظة سرية بين أفكاري
أيها الناس أنا الشاعرالذي يحاول النوم دون كلاب تنبح في رأسه و تنهش احلامه المتواضعة ... وكنت كلما شعرت بالملل أجلب ورقة بيضاء وأصنع نساء من قصائدي ..أصنعهن على مقاس رغباتي المشرعة للسماء ..وبالحروف وحدها أنحت لهن ملامح مألوفة و أعضاء تناسلية وملابس داخلية ..كنت أخلقهن كإله وأتغزل ببعضهن قبل أن أنهي حياتهن بتمزيق الورقة ورميها في سلة المهملات ..ما حدث بالضبط هو أنني سمعت صوت بكاء في سلة المهملات ..نظرت داخل السلة ووجدت واحدة من النساء اللواتي أخلقهن في قصائدي .. خفت منها بادئ الأمر لكن سرعان ما تمالكت نفسي ..قلت لها :هيه أنتِ كيف لكِ أن تتنفسين وتبكين وأنتِ مجرد فكرة في قصيدة ولقد وضعت لكِ قدركِ المحتوم ومزقت الورقة قبل قليل ... تذكرت أنني لم أخلق لها فماً في القصيدة ..أقصد أنني كتبت كل شيء عن ملامح وجهها وعيونها وجسدها ولونها وشعرها لكنني لم أكتب أي شيء عن فمها لهذا هي عاجزة عن الكلام ...مالذي ستفعله فتاة دون فم في عالمي المنهك بالضوضاء أنا الذي قضيت حياتي كلها أحاول التآلف مع صمت الكائنات التي تنهش خاصرتي في الليل وتبول في أذني .. كان علي أن أفرح بخروج امرأة حية تتنفس في عالمي الموحش ..لكنني مع الوقت صرت خادماً لها وكل يوم أغسل وجهها بالماء و الملح و البهارات المستوردة ثم أضع لها طعاما مهروساً أدخله في جوفها من خلال ثقب صغير في عنقها .. ناهيكم عن تغيري لفوطة العادة الشهرية التي تصيبها بشكل مضجر ومستمر ..وبسبب غيرتها الحمقاء منعتني من كتابة الشعر خوفاً من خلقي لمنافسة لها ... لذا قررت أنهاء حياتي معها..فما كان مني غير المشي بشكل مستقيم ولمدة أربع سنوات دون أن التفت إلى الوراء ...
.
.
أنا الآن بخير ...لكنني مختبيء في لحظة سرية بين أفكاري ..توقفت عن كتابة القصائد الغزلية ..أعتدت على النوم مع كلاب تنبح في رأسي و تنهش احلامي المتواضعة كل ليلة ...كل ليلة ...
.
.
أه ..نسيت أن أقول لكم : اللعنة هذا فيه مضيعة لووقت ..
.
.
رشدي الغدير
الجمعة، 11 أبريل 2014
يتخللني الإحساس بالقرف من نفسي
في القاعة أقل من عشرين مُسن يجلسون على نصف المقاعد فيما جلس الشعراء الجدد على النصف الأخر ...المحاضر يثرثر عن دور المثقف المهم في وعي المجتمع ..نظر أحدهم إلى صديقه الواقف وأشار إلي وقال هذا كرسي فارغ تعال أجلس عليه ...فما كان مني غير السكوت وتحمل وزن الرجل الذي جلس فوقي ... أنا لا أتذمر ولا أحتج لهذا فأنا غير مرئي ..حتى القراء الذين يحاولون أسعادي في مجاملاتهم أنا بالنسبة لهم غير مرئي أيضاً ..دائماً ما يجلس علي الناس ...دائما يرتطمون بي ..دائما تدهسني السيارات ..دائما ما يؤلمني شعور أنني غير موجود .. دائماً ما أشتم والعن وأسب وأصرخ كي أقنع الناس بأنني موجود لكن رغم هذا لا أحد ينتبه إلى وجودي بينهم ...وفي المرة الوحيدة التي أنتبه بها شخص إلى وجودي كانت لحظة أعتدالي في الكرسي لأطلق ضرطة حادة كانت كفيلة بجعله يهرب خارج القاعة ...
.
.
يسكنني الإحساس باللاجدوى من الكتابة ..فيؤلمني رأسي.. أسأل نفسي: ما الذي أفعله الآن هنا؟ هل سأكتب لهم وأنا أعرف أن كل ما سأكتبه سيضيع كالهباء... يتخللني الإحساس بالقرف من نفسي.. أنا
كالدود الذي ينخر أجساد الأموات... تعبت من الكتابة عن أصدقائي الموتى وعن النساء التائهات في ذاكرتي وعن طفولتي الباهتة ...كتاباتي لم تنقذني من إحساس الوحدة ولا من ضجر الحياة اليومية القاحلة .. أعود إلى البيت في حالة فصام حادّة حوّلتني إلى إنسان افتراضي في الأنترنت ..أنا مجرد مجموعة صور ونصوص لا يكترث بها أحد ..أما في الواقع فأنا الشخص الذي يغمضون الناس أعينهم عنه كما يفعلون مع الإعلانات التي لا تعجبهم في التلفزيون ...أعيش الفصام وأحسّ أن لي رائحة الحمامات العامة في كورنيش الدمام ...
.
.
ذات مرة شاهدت ملاكاً يسقط من السماء فأسرعت لأتلقفه بيدي ..لكن سقوطه كان أسرع مني ..وصلت إليه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ..قلت له :هون عليك أيها الملاك لماذا لم تضرب الرياح بأجنحتك النورانية لماذا لم تحاول أن ترتفع قليلاً قليلاً بدل أن ترتطم على هذا الرصيف .. رفعت الملاك من الأرض وإذا بصوت امرأة يأتي من الدور الثالث في العمارة : أترك ملابس الغسيل ولا تسرقها ...أن الأمر ببساطة هو أنَّ سيجارة الحشيش التي أحرقت دماغي جعلتني أشاهد الملائكة تسقط أمامي ... وظهرت الأصوات غير المسموعة في رأسي .. مرة أخرى : أترك ملابس الغسيل يا حرامي ...قلت لها : أنا مش حرامي غسيل أنا شاعر يا بنت الكلب ....
.
.
رشدي الغدير
الأربعاء، 9 أبريل 2014
الشاعرات لا يحلقن شعر عاناتهن
قلت في داخلي : أنا جائع ..فما كان مني غير ترك نوايا الطريق تأخذني على مهل ثم مددت يدي إلى رأسي وأخرجت تفاحة وقضمت يدي ...كنت في طريقي لألتقي بالشاعرة التي تواظب على وضع اللايكات لي في الفيس بوك و الانستغرام .. كانت نحيلة وذابلة تشبه دمعة طازجة ذرفت للتو .. على الرصيف المقابل كان هناك عراك يدور بين مجموعة درباوية حمقى..اقتربت منها وقلت : هل تشعرين بالخوف .. قالت : نعم ...أنا خائفة ...كانت قصيرة و سمراء...طوال الطريق كنت أشعر بمؤخرتها الصغيرة تتراقص بشكل مرن ..دخلنا مطعماً متواضعاً جداً أخرجت لها كتابي الأخير وقعت لها إهداء على الغلاف .. بدت لي حزينة تحت النقاب و العباءة ..حبست رغبتي في طرحها على طاولة الطعام و تجريدها مما كانت تلبسه...شعور ما كان يقول لي بأنها هشّة كبسكويتة بالزبدة ..أردت أن أشرح لها أن الشعر الذي تكتبه هراء وأنني معجب بمؤخرتها أكثر من قصائدها ..أردت أن أخبرها أنني ذلك الشخص الذي يجلس عاقد الحاجبين مع الشعراء الآخرين من دون أن يتكلم إذا لم يوجه أحد له الحديث وحتى حين أنطق تخرج من فمي الشتائم فقط ... لكنني لم أفعل ...
.
.
تركتها تتحدث دون مقاطعة ..كالت لنفسها المديح و الثناء وتناولت الأشياء بتجرد غروري غبي ..أنغمست في قصائدها تتلو لي الواحدة بعد الأخرى ..وأنا صامت .. أكتشفتُ أنها لم تتمكن من الخوض في أي موضوع بعمق ..أكتشفتُ أيضاً أنها تشفق على نفسها بشكل خفي وأن زواجها وأمومتها كانا قد فُصّلا على مقاسها دون أي رغبة منها وأن والدها وضع لها خطة حياتها و الكثير من الحواجز أمام عفويتها التلقائية ومقارباتها الحدسية للعالم حولها ..كل هذا حدث وأنا صامت .. أنا الذي يعرف العالم وحكايات المدن وتواريخها رغم أنني لم أخرج من الدمام المقدسة يوماً .. أن الذي يذهل الناس دائماً بسعة اطلاعه وقراءاته المستفيضة في الأدب و التاريخ و السياسة ...كنت صامتاً وضجراً ومستعدا لأغتصابها على طاولة الطعام ... لكنني لم أفعل ...
.
.
عندما خلعت نقابها وشيلتها داخل المطعم شعرت بأن رذاذ من الماء الشهي يجعد شعرها الأسود حتى بدت وكأنها ليست أكثر من فاتنة فاجرة من البدو الرحل تجلس أمامي ..قالت : ما رأيك هل تعتقد أنني جميلة ... قلت لها : لماذا أشعر أنكِ تتسولين كلمات الأعجاب مني .. لبست بسرعة وخرجت غاضبة وهي تقول أنها أدركت وسلمت أن مصيري المناسب هو قعر النسيان وأن رشدي الغدير مجرد رجل وقح وليس شاعراً ..لقد أختفت من حياتي تماماً .. ذهبت هي ولايكاتها الكثيرة ...لكنها لم تدرك أنني شاعر يعيش على الحافة .. وأن فرصتي في النجاة من الهذيان قليلة وأنني لست موظفاً عند أحد ولا ينبغي لي أن أكون .. أنا أهرب دوماً من أن أكون خاصاً لأحد ...النساء يكرهن الحقيقة ..لكن بإمكان الشِعر أن يؤثّر في قلوبهن مؤقتاً..
.
.
دعوني أخبركم أنني على ثقة أنها لم تكن تحلق شعر عانتها ... أنا أكره شعر العانة الكثيف وهذا سبب كافي لأنسفها من ذاكرتي ...
.
.
رشدي الغدير
الاثنين، 31 مارس 2014
متعثرا بحافة كأس فارغ
أيها الحمقى ..أنا شاعر عظيم وأنتم تافهون لهذا سأبوح لكم بأشياء خلتها مدفونة في قعر الجيف المنهوشة الأحشاء في رأسي .. الشعراء الأخرون أبناء العاهرة ربيتهم كالكلاب في بيتي وكنت أطعمهم العظام و الأفكار الثورية و الصور الشعرية وعندما برزت اسمائهم صاروا يرمقونني من بعيد ولا يقتربون مني ..أبناء العاهرة .. لقد خذلوني ..بت أحرق ملابسي الداخلية كي لا أنقل عدوى الشعر لأحد ...بت أتلفت كثيرا كالمشبوه في شوارع الدمام الداخلية ..أتمسك بطعم القبلة الأولى لمراهقة سمراء ذابت بين ذراعي قبل ثلاثين سنه ..أستغل الوقت الضائع مختبئاً في ثلاجة معطلة ..أستمني على ظلال النساء اللواتي سرقن ابتسامة الطفل من داخلي ..أتبرع بكليتي للنمل ..أبصق على الجدران البيضاء ..أشتم الأمهات قبل النوم ...أفرغ دموعي في مرحاض الحمام مع بقايا الخراء العائم الذي كنت أدفعه بأصبعي كي يغرق .. أرتمي كالباب المخلوع في منتصف الغرفة ...وأبكي ..
.
.
أنا الذي لا تفسير لصمتي ولا ينبغي لي أن أكون .. أستسلم كالرهينة لهذا الحزن ..متعثرا بحافة كأس فارغ أسقط من السماء والحبل معقود حول عنقي ..أجرب طريقة أخرى للموت ولا أنجح ..استأجر غرفة ضيقة في الدمام ..أختبر فداحة النوم وحيداً دون غطاء ..والدي الميت ينظر إلى الحبل المعلق في السقف ويبتسم ...أخبره أن الخطة لم تنجح لكنني سأحاول من جديد ..وسأموت دون مبرر كافي ...وصيتي الأخيرة نقشتها على نعالي لتضج بها شوارع الدمام القديمة ..أعد الأيام بحذر كمن يحصي أسنانه المخلوعة ..سأموت قريباً يا أبناء العاهرة الشعراء الأخرين وسأجهز مقاصلكم في جهنم ...
.
.
اليوم لقنت ولدي ابراهيم الحكمة كلها ..وبثقة عمياء راح يقصف الوجوه البلهاء التي تستدير حوله بجدارة الشتائم الأبوية التي أسبغتها عليه ..أخبرته أن الحياة لا تتسامح مع الأنبياء و الشعراء وأبنائهم ..وأن الهذيان دون سبب واضح هو أمر صحي جداً .. وأن الشهامة سخيفة وغبية وعليه نسيانها كلما انتفضت في عروقه الصغيرة ...وأن قبضته اليمنى خلقت فقط لتحطيم عظام الأوغاد أبناء الظلام الذين يسرقون أقلامه في المدرسة ..وأن الشيطان سيتآمر مع الملائكة ضده أثناء نومه ..وأن الكون ينتظر فرصة واحدة ليصفعه دون هوادة ...وأن تطبيق النكتة البذيئة أهم من الضحك عليها ...أقنعته أيضاً أن يستمع لصوت الوحش في داخله ويتصالح معه وأن يصقل سكين متعته لينحر الضجر قبل النوم وبعده ...
.
.
رشدي الغدير ..
الخميس، 27 مارس 2014
ذاتي ليست كافرة ..لكن
داعبت ذاتي مازحاً فإذا بالكوارث تنهمر فوق رأسي ..توقفت فوراً عن المزاح مع ذاتي وبدأت في جمع التبرعات لأسعد ذاتي ..وقفت في المصلين خاطباً بعد صلاة الموت أخبرتهم وصارحت الجميع أنني مهتم جدا لذاتي فإذا بهم يرمون علي الصلوات الخمس بكامل الركعات والأدعية الصحيحة والبدعية ..قالوا لي : لعن الله ذاتك الكافرة أخرج منها ...أخبرتهم أن ذاتي ليست كافرة ..لكن ..لم يصدقني أحد فخرجت منها خالي الوفاض .. أجر صلواتي وصلواتهم ونظرات الغضب وعبارات الزجر و الشتم وذاتي المحطمة التي أصيبت بدعاء حاد في عنقها ...فما كان مني غير وضع ذاتي في الثلاجة وقد تبادر إلى ذهني بأن برودة الثلاجة ستساعد ذاتي على الشفاء سريعاً ...لكن ما حدث هو أنني عدت لأجد بقايا ذاتي في الصحن ..رحت أصرخ : من ألتهم ذاتي من مزقها من أفترسها من أخرجها من الثلاجة و وضعها في الصحن..من ...يطل الصرصور الشجاع برأسه من فتحتة البالوعة ويقول :
.
- أنت ...
- أنا ...
- نعم أنت أفترست ذاتك ...
- لكن كيف
- لقد كنا نشاهدك طوال الوقت وأنت تمزق ذاتك ...
.
.
أنا لا أحتاج إلى معجزة لأكتشف حجم الفداحة التي أرتكبها في حق ذاتي ...خاصة عندما زاد نصيبها من الموت زاد عن حده لدرجة أنها انسلت هاربة من داخلي ....
.
.
رشدي الغدير
الاثنين، 10 مارس 2014
الشخص الذي يتحدث معكم الآن ...
الشخص الذي يتحدث معكم الآن بدأ يشعر بالاختناق الذي راح ينمو سريعا حتى تحول إلى مرارة وتشنجات حادة في جيوبه الأنفية .. نفس الحالة تكررت بعد ذلك بالضبط حينما كان يتصفح ذات مرة مدونته الإلكترونية .. مقبرة رشدي الغدير .. ووقعت عيناه على سطور لـنصه الأخير الذي نشره قبل اسبوع وبالطبع قرأ هذا النص قبل ذلك كثيرا جدا ورغم هذا شعر فجأة بنفس الاختناق الذي راح ينمو بنفس السرعة ويتحول إلى نفس المرارة والتشنجات الحادة وهو يقرأ : اقتلع جناح الملاك عن ظهري وأمشي بينكم أيها الناس بقميص ذو أكمام قصيرة .. دموعي تصلح لغسل ملابسي المتسخة لكنني لا أبكي كثيراً …أستخلص الضوء من كومة قيح أخفيها أسفل فخذي البعيد جداً عيوني مفتوحة رغم أنني أنام متقلبا ً مثل مزاج الفقراء ...
.
.
الشخص الذي يتحدث معكم الآن بدأ يتكلم مع نفسه مثل مجنون وهو يقول : دعني أخبرك بماذا يجب أن تهتم الآن يا رشدي عليك ألا تسجن نفسك داخل جحيم منعزل وتخلق بداخله حيوانات مفترسة لأنها لن تفترس أحدا غيرك .. يجب أن تؤمن فقط أن أمورا كهذه تحدث بطريقة عادية جدا .. الحياة تسمح بهذه الأشياء ولا تريد منا بالضرورة أن نتعامل معها على أنها كارثة أو أزمة .. الحياة تريدك أن تستمر مهما حدث يا رشدي ..
- لكن يا أنا ...
أخرس ودعني أكمل يا رشدي...
- حاضر يا أنا ...
.
.
الشخص الذي يتحدث معكم الآن بدأ يفكر بالموت ..صمت للحظات ثم قال أنه يشعر أحيانا بأن الموت لن يكون بهذه الدرجة من البشاعة : أنظر من مات قبلي : أمي .. والدي.. طلال مداح.. الملك فهد ...الشيخ جابر الصباح ... سعاد حسني .. خباز حارتنا ابو اسماعيل.. نزار قباني .. هتشكوك ... عامل النظافة نهاية الشارع ....هل تتصور أن يكون الموت مؤلما لهؤلاء رغم جمال أرواحهم .. ثم أقنع نفسه أن موت هؤلاء يجب أن يشعره ولو قليلا بالاطمئنان لأن العالم الذي ذهبوا إليه سيكون لائقا بهم بالتأكيد وبالتالي فهناك أمل أن يكون لائقا به خاصة أنه لم يقتل غير ثلاثة أشخاص في حياته..
.
.
الشخص الذي يتحدث معكم الآن بدأ يحب الموت ...
.
.
الشخص الذي يتحدث معكم الآن بدأ يموت
.
.
الشخص الذي يتحدث معكم الآن ..مات
.
.
رشدي الغدير
الجمعة، 7 مارس 2014
علاقتي في وطني كعلاقة المناديل بالزكام
حلمتُ البارحة أن بعيراً التهم حنجرتي ثم قال لي : لنهرب الليلة سأرمى في حضنك آلاف الطرق البعيدة والوجوه التي لاتعرفها ثق بي ولو مرة واحدة يا رشدي فالدمام مدينة من مخاط ستبقى فيها حتى إن خرجت......الغريب حقاً أنني استيقظت من النوم بألم في حنجرتي وفوضى عارمة اجتاحت الغرفة ..وكأن قطاراً مر في منتصفها.. مرت ساعة ونصف وأنا احاول كتابة أي شيء يشفع لي عندكم في هذه الصفحة الغبية... لساعة ونصف وأنا عاجز تماماً عن كتابة أربع مفردات تشكل فكرة تافهة أستعملها للدفاع عن نفسي فقط .. أنتم لا تعرفون أن للكتابة حتميات ومسارات لا يد لأحد بها داخل رأسي .. حتى أنا لا يمكنني التحكم فيها او مجابهتها او ترويضها او حتى مضاجعتها .. لا فائدة من بقائكم هنا .. يمكنكم المغادرة .. او محاسبة البعير الذي التهم حنجرتي في الحلم البارحة ....اللعنة ..هذا فيه مضيعة للوقت
.
.
خياراتي كثيرة للعشاء يمكنني طهي كل الأفكار التي راودتني اليوم ..أشعر أني مكترثٌ جداً بمكان الصحن في المطبخ ..لكنني لا أملك مطبخ ...أحتاج المزيد من الدعاء فلقد بالغت بالخير و بالغت في الذنوب حتى أنني أغضبت الله وأغضبت الشيطان في نفس الوقت ...ذلك لأن علاقتي في وطني كعلاقة المناديل بالزكام ...تعيساً أنا أشاهدُ وجه البحر وفي داخلي ألفُ سفينة تائهة لا تعرف الجهات ..أيها الوطن ..أغرب عن وجهي او تقدم لأضعك كعشائي الأخير ..وأنتم يا شلقات النعاج لم يبق عندي حذاء أخيط نعله بنصائحكم ..وفروا نصائحكم وأجلسوا معي ندخن وطننا الأبله في لفافة ..
.
.
وها أنا أترك مائدة العشاء لأراقب نمو الشعر حول رسغي ومن ثم أكمل صحن البيض بنصف شهية والكثير من الدهشة ..كم من فصام الشخصيات أعيشه أنا وأنا ...كتابتي ركيكة ومكررة وأفكاري مجترة لأنني أقلد نفسي في كل شيء سأبول على هذه الصفحة الآن وسأضحك كما أفعل دائماً .. إنها تمطر في الأسفل ..البارحة كدت أخسر معركتي مع نفسي.. قاتلت وكأنن قتلتني ..قاتلت بأسناني بأنفي بأطرافي كلها ورحت أدافع عن النصر الوحيد الذي بقي لي وهو أنا ...ثم ماذا ؟ ..أه نعم التهم البعير حنجرتي ثم قال لي تعال أهرب معي ؟
.
.
رشدي الغدير
الأربعاء، 5 مارس 2014
لا أريد شيئاً أخر غير هذه السيجارة

لم أقصد دعك علبة البيبسي الفارغة المرمية في الشارع لكنني فعلت ..حتى عندما خرج لي المارد وهو يتثاءب لم أستغرب الأمر فكل ما يحدث حولي لا يعدو عن كونه محفز للمزيد من النعاس .. قال المارد : شبيك لبيك عبدك بين يديك .. قلت له : هل عندك سيجارة لو سمحت ... فأخرج من معطفه علبة سجائر ديفيدوف جولد وقال تفضل يا مولاي تبقى لك أمنيتان فقط .. قلت له : شكراً يمكنك العودة إلى علبتك أيها المارد أنا بخير ولا أريد شيئاً أخر غير هذه السيجارة ... ركلت العلبة حال دخول المارد فيها وأكملت طريقي ...
.
.
عندما تعلّمتُ التدخينَ صرت أسرقُ المال من جيب والدي لأشتري السجائر وعندما لا أجد المال كنت أسرق الدجاج المجمد من الثلاجة وأستبدلُه بالسجائر من عمال البناء في الجوار ..وعندما لا أجد سجائر أقف في منتصف الشارع وأشتم كل من يدخن سيجارة بأقبح الالفاظ وأتمنى له الموت ..لكان سرعان ما أنشغل بأموري التافهة وأعود في سياق النعاس العام لهذا المجتمع الأبله ..
.
.
اكتشفتُ الحشيش حين دخلتُ الثانوية واكتشفتُ أنّ أغلبَ البشر يحششون في الخفاء لكن الحشيش باهض الثمن وجعلني أشد بلاهة مما أنا عليه حتى أنني حاولت أقناع القمل في رأسي أن يهاجر إلى لحيتي او يستوطن في شعر عانتي لفترة مؤقتة ...لذلك استبدلت الحشيش بلعق فروج النساء في خيالي .. ولقد تمكن مني الأمر او لعلي أدمنته فصرت أرى وجه حارس المدرسة فرجاً و وجه بائع الخضار فرجاً وكل ما يتحرك في الظلالم هو فرج محتمل ..حتى عندما طلب مني مدرس الرسم أن أرسم شجرة رسمتها شجرة من فروج مما دعاه لصفعي وتوبيخي أمام الطلاب ....كنت عندما أعود إلى البيت أحمل في رأسي صور غير منسجمة للفروج افرغها على الورق كقصائد منسدلة وهذا هو سر كتابتي للشعر في وقت مبكر ..
.
.
أنا الآن في الخمسين أعاني من درزينة أمراض متراكمة داخل جسدي ...جسدي الذي لم أذهب به إلى مدينة ملاهي من قبل ... أفكر بالعودة إلى علبة البيبسي الفارغة لأدعكها وأطلب من المارد أن يأخذني إلى الملاهي ...
.
.
رشدي الغدير
الثلاثاء، 4 مارس 2014
أحقن نفسي بالطين كي أنسجم مع أبناء البشر الضعفاء
عندما مات والدي وقفت عند باب مغسلة الموتى المفتوح أنظر من بعيد لأخوتي وهم يبكون ثم أنظر إلى جثة والدي وهو يبتسم لذلك ابتسمت مما اثار حنق أخوتي وغضبهم ...قالت أختي أطردوه من هنا متيبس المشاعر هذا ...لم يشاهدني أحد وأنا أبكي ذلك لأنني فقدت قدرتي على البكاء مبكراً ..لقد نشأت في محيط جاف يسخر من فن التعبير عن المشاعر يسخر من الحب و الوله و الفقد ...حتى أنني لم أشاهد والدي يقبل والدتي في حياتي كما أن لا أحد يقبلني في الأعياد ولا في مواسم الأفراح المزيفة و السريعة .. كنت أحسد أصدقائي على ما يسمعونه من كلمات حنان من ذويهم وعندما أشاهد والد صديقي يقبله أقف صامتا ساهما وفي عيني نظرة مؤلمة لم يفهمها أحد حتى الآن ..
.
.
أه ..نعم أنا متيبس المشاعر الذي لم يبكي على أحد ...ينظر من بعيد إلى الموتى يهمهم بصوت أجش وبحنجرة منتفخة وعروق نافرة لكنه لا يبكي ...
.
.
عندما أهرب من الكلمات التي تؤذيني ..أنظر إلى المرآة و أتحدث من قاع معدتي الخاوية : الأسماك التي لا تعرف السباحة ليست جديرة بهذا البحر الواقف أمامي ..هذا البحر الذي تخاف خلايا دماغه من السرطان رغم أن أحلامه محتقنة بالمستحيل ...المستحيل الذي ترك وراءه شقوقاً على أرضية وجهي ..ليتهم فقط أنتبهوا لكل هذا الدم الذي يسيل من مخيلتي وليس إلى جفاف عيوني الخالية من الدموع...أحقن نفسي بالطين كي أنسجم مع أبناء البشر الضعفاء في هذه الحياة القذرة ..وكل ليلة أقتل حيواناتي المنوية وأنعيها في الصباح لأقتلها فيما بعد ...يستيقظ الموتى في رأسي وأن أمتطي شاربي دالي المجنون فيما بودلير يغسل الصحون في المطبخ وقاسم حداد يقشر برتقالة ويطعمني الوهم ... فيما أحاول البكاء ولا أنجح...
.
.
ما هذا الهراء؟
.
أنا أكذب .. والكذب أصابني بالبدانة ..
.
.
سأعيد المشهد من جديد وبالقليل من الدموع ...
.
.
رشدي الغدير
السبت، 1 مارس 2014
تلك الشفقة الممزوجة بالقليل من التهكم ..
أخبرتني أبنتي أنكِ قلتي عني : رشدي الغدير وغد متعجرف .. قلتيها أمام الطالبات في الصف وأنتِ تضعين قدمكِ اليسرى فوق اليمنى ولا أعلم إن كنتي تنتعلين المنهج المقرر للطالبات لتزجي بأسمي قسراً وتحرجي أبنتي أمام زميلاتها .. ذلك الإحراج الذي جعلها تبتسم كرد فعل يثبت حماقة المدرسة وشعورها بالسخط على ذاتها .. وحتى وهي تنقل لي ما حدث كانت أبنتي تشعر بالشفقة عليكِ ..تلك الشفقة الممزوجة بالقليل من التهكم .. حسناً أيتها المٌدرسة الآن سأقول لكِ لمّ أنا وغد متعجرف !.. اسمعي هل تعرفين الصراصير ..كنتُ عندما أرى صرصوراً أعذبه بسيجارة مشتعلة وأخلع جناحيه وأراقبه وهو يحتضر أمامي قبل أن أسحقه بحذائي ..وعندما أرى سيارة جميلة واقفة أمامي أمرر مسمارا حاداً على طلائها قبل أن أثقب اطاراتها وأبصق على زجاجها الجانبي ..وعندما تنقطع الكهرباء أرمي زجاج الجيران بحجر وأهرب ...وعندما أرى قطاً في الشارع أحاول أن أنتزع زبّه قبل قتله ..وعندما أجد في رأسي قملة أضعها في طعام صديقي وأنا أبتسم .. وعندما تمرّ أبنة الجيران أنظر إلى مؤخرتها بحرص لأستمني عليها فيما بعد ... ناهيكِ عن كسري للمبات الشارع عندما أشتاق للعتمة وضربي لعمال النظافة عندما أشعر بالملل وبصقي على أبواب المقابر عندما أفكر في الجنة وشتمي المستمر لكل البلهاء الذين يمارسون القراءة لي بشكل منتظم في الفيسبوك و الانستغرام و تويتر ... أيتها المٌدرسة لقد أصبتي … رشدي الغدير هو الوغد المتعجرف الذي حذرتكِ أمك منه ...
.
.
أيتها المٌدرسة هل تعلمين أنني كنتُ أفرغ حاويات الزبالة من الأكياس و المعلبات وفوط النساء الصحية المستعملة لأنام داخل الحاوية عندما كان والدي يطردني من البيت ..لقد جرّبت كل شيء حتى الخيانة ..لم أكن في حياتي ضحية لأحد ولم أبك على أحد ولم أشعر بحنين مبهم لأحد ..كنت أخرج الحكمة من الكتب القديمة لأبول عليها ..وفي الحب كنت الحن نداءات النساء و أرقص على دموعهن وأضحك بشراهة ليس لها مثيل وكلما صفعتني الحياة رحت أضاجعها من الخلف وأضحك كلممسوس ... كنت أتعامل مع الكراهية كشعور بالرهافة ومع الوفاء كشعور بالنقص و الضعف و الغباء ...وطوال الوقت كنت أزعج السلطات بقصائدي المبهمة و العصية على الفهم ..طوال حياتي لم أدفع مخالفة مرورية ولم أتصدق على الفقراء ولم أمسح دمعة يتيم ..فيما ثروتي كلها ذهبت بين شقي صدر راقصة في كازينو مزدحم بالمخمورين من أبناء الذباب ...ثم ظهرت نبؤة الشعر ورحت أكتب دون هوادة حتى أنني أكلت لحم جيفة وأنا أشعر بالتخمة ثم أكلت نفسي أمام القصيدة ورحت أتسلى بقضم أصابعي ولعق معصمي الناتئ قبل أن أعلن وجودي كذئب صامت تلمحين عينيه في عتمة الأزقة أيتها المُدرسة ..ذئب يزبد فمه بسوائل بيضاء قذرة .. ويفكر جدياً بتمزيق وجهك لو حاولتي إحراج أبنته مرة أخرى أمام زميلاتها في الصف
.
.
رشدي الغدير
..........
ملاحظة : لقد كتبت هذه الرسالة و وضعتها في ظرف وأعطيتها أبنتي لتسلمها لمدرستها يداً بيد قبل أسبوع ...
الاثنين، 24 فبراير 2014
مجرد حشرات ... حشرات فقط ...
صباح الخير يا شريفة .. شاهدتك البارحة في حلمي كان دخولك غير منسجم مع أحداث الحلم حتى أنني ظننت أن هذا الحلم لا يخصني وأنه حلم شخص أخر وكالعادة لعنت أبو الحلم والنوم والوسادة وأغرقت زوايا الغرفة بشتائمي المدفوعة الثمن ... هكذا يبدو الأمر ظاهريا لكنه في حقيقته محاولة مني للهروب من عجزي الواضح في تفسير الحلم .. حسناً أنتِ تعرفين جيداً أنني على يقين ثابت ونهائي بأن الأحلام مجرد تراهات لا فائدة منها .. ربما تشعرين الآن أن ( تراهات ) هي أخف لفظة يمكنني قولها في لحظة كهذه ..وأقرب نقطة حماية استطعت بلوغها بعيدا عن الابتذال الكامن في لغتي عندما أوجه كلامي إلى أبنتي ..خاصة أنني أعرف أن خداعي للقراء و المتابعين لا يمكنه أن ينطلي عليكِ وأنتِ أقرب الكائنات الجميلة إلى قلبي .. دعيني من هذا الهراء وأخبريني هل أنتِ سعيدة الآن؟ .. لكن انتبهي جيدا يا شريفة قبل أن تجيبي فأنا أقول هل أنتِِ سعيدة الآن فقط ... لن يمكنني أن أشرح لك ما أقصده بالضبط من التوقيت الزمني في الآن على وجه التحديد ولكن يكفي أن تعرفي باختصار أن السعادة الوقتية هنا هي محاولة الحصول على دلائل تشير إلى ما تشعرين به في لحظة رؤيتكِ للسؤال ... اللعنة ها أنا أقع في فخ الاختزال المشوّه لما أريد التعبير عنه لكن صدقيني يا أبنتي أنا أفعل هذا الأمر دون قصد مني خاصة عندما أحاول شرح أفكاري بشكل سهل ..
.
.
لا أعتقد أن الحلم سيعود إلي من جديد كان ينبغي عليه أن يشعر بالخجل فقط لمجرد الظهور في سياق نومي القليل و المتقطع ..لا أعرف ولكنني شعرت بالغضب أيضا لأنني أدركت بأن الفرصة صارت ضعيفة جدا ليتكرر هذا الحلم مرة أخرى .. لو عاد هذا الحلم سأواجهه بشراسة وسأستيقظ من نومي فوراً لأخنقه أو الوكه مثل تيس الحضيرة و أبصقه أسفل السرير قبل خروجي إلى الشارع.. حسناً لن أكون قاسي معه إلى هذه الدرجة لعلي سأصفعه ثم سأعطيه نصيحة ختامية بألا يزورني في نومي وسأتبرأ منه تفاديا لعودته.. دعيني أخمن نوع السؤال التلقائي الذي في ذهنك الآن يا شريفة وهو : كيف يمكن لأبي أن يستيقظ من نومه ويقبض على حلمه ويوبخه وكأنه شيء مادي .. حسناً يا شريفة يمكنكِ تخيل الإجابة المناسبة ..لكن كوني على يقين بأنني تعايشت مع أحلامي لدرجة أنها تتجسد أمامي وبشكل يثير الغثيان ..قبل اسبوع تعثرت بواحد من أحلامي كان مرمي في طريقي إلى الحمام ..وقبل شهر كنت أحبس ثلاثة أحلام في زجاجة كوكاكولا فارغة بعد عملية مطاردة في أرجاء الغرفة ... أكره الأحلام الهاربة من نومي ..
.
.
قبل أن أغيب عن حياتك كما هي عادتي .. أريدكِ أن تحققي لي الحلم الذي عشت عمري كله دون أن أنفذه .. أنتِ تعرفين ما أقصده جيداً يا أبنتي .. أرجوكِ لا تكترثي بنظرات القراء الحمقى وهم يتسائلون عن ماهية هذا الحلم .. القراء حفنة بلهاء لا عمل لديهم غير دس أنوفهم في شؤوني الخاصة ... أعتبريهم مجرد حشرات ... حشرات فقط ...
.
.
رشدي الغدير
السبت، 22 فبراير 2014
الحذاء سيظل وحيداً في الشارع
أيها الشيعة و السنة وأنتم تقتلون بعضكم البعض بشهوة دموية طازجة .. دعوني أمر فقط في حياتكم الدنيا وبأقل الخسائر الممكنة .. أنا لست عدوكم ..دعوني أمر فقط ... لن أضايقكم بعيوني البنية ولن القي التحية الساخرة على جثثكم المندهشة لفرط العداء .. أعدكم أن لا أتذكر ملامح وجوهكم ولا اسمائكم ولا عدد أصابعكم المبتورة ولا لون أحذيتكم ..فقط دعوني أمر بهدوء ... منذ سنوات وأنا محبوس في هذه الدنيا معكم أراقب كل شيء من نافذة الحمام الضيقة ..يحدث أن أضع قدمي في كومة الخراء اللزجة لتخفف عني عبئ مشاهدتي لكم وأنتم تقتلون بعضكم البعض كالنكات السخيفة..أدس بعض الخراء في اذني لتمنع أصوات الموتى من الوصول لكوابيسي الجافة.. أشاهدكم تواصلون شتم الله في صلاتكم كلما توقف الوقت وتوقفت معه جميع العقارب في يدي .. دعوني أمر فقط ..أنا الأقلية القليلة وجدت نفسي في محيط غريب من الإرهاب وسيطرة الجهل وغوغائية الرعاع و نار الرجعية المندلعة الصارخة الضاربة في بلادي وكلما حاولت الخروج أجد نفسي في مواجهة حتمية مع سخافة مذاهبكم الدموية التي تكفر بعضها بعضاً ... دعوني أمر فقط .. أريد أن التقط حذائي الوحيد في الشارع ...
.
.
حينما قذفت الفتاة الشيعية رأسي من النافذة في إحدى نوبات غضبها الهيستيري .. رأيت العابرين في الشارع يواصلون سيرهم دون أن ينتبه أحدهم لصراخ رأسي الهادر بجانب الرصيف ودون أن يلقوا نظرة واحدة على ملامحي القديمة .. عرفت لحظتها أن الحياة لا يجب أن تؤخذ بجدية تامة .. وأن الفتاة الشيعية تعشق قطع الرؤوس تماماً مثل الفتاة السنية .. كلهن بنات كلب ..كان يجب علي فقط البدء في كتابة قصيدة جديدة متناسياً كل ما حدث لي ...بعد موتي ستختفي كل العوائق الصغيرة الهشة التي كانت تكبل و بقدر ضعيف شراسة تعاملي مع الشيعة و السنة .. هل كانوا يعرفون أيضا أن مواجهتي لهم بشتائم وصرخات مقابلة كانت تتوقف فجأة لعلمي بأن ردودي عليهم ستزيد من قوة ووقت وجودهم في هذه الحياة ... لا يمكنني أن أنكر أنني فكرت أكثر من مرة في قتلهم جميعا ولكن الذي منعني ليس رفضي أن أتحول إلى مسخ مثلهم .. وإنما كان يعنيني أيضا بقاء هذه الكارثة في الحياة لتكون دليلا حيا وحاضرا دائما أمام عيني على حجم الكراهية التي أواجهها بشكل يومي ..ماذا عن حذائي ؟ ...الحذاء سيظل وحيداً في الشارع ...
.
.
أيها الشيعة والسنة ...دعوني أمر فقط .. دعوني أجرب لذة القرارات الحاسمة ..دعوني أختار مصيري .. أريد أن أتزوج المدينة و أن أظل وفياً لها بينما أضاجع مدينة أخرى ... رغم أنني مازلت أكره شكل أصابع يدي لأنها تشبه أصابع يد والدي الذي يقف أمامي منذ موته الأخير ..كلماتي تضلّ الطريق وسط كل هذا الموت .. دعوني أمر فقط ..ذلك لآن الحذاء سيظل وحيداً في الشارع ...
.
.
رشدي الغدير
الجمعة، 24 يناير 2014
أريدكم أن تربوا الشياطين في صدوركم
أدخل عاصفة الناس متسلحاً بجلدي ..وبنظرات باردة خالية من الشفقة أبتسم وأدس في جيب القميص ورقة صغيرة كتبت فيها أسماء بشر ماتوا للسبب عينه .. للسبب عينه اقتلع جناح الملاك عن ظهري وأمشي بينكم أيها الناس بقميص ذو أكمام قصيرة .. دموعي تصلح لغسل ملابسي المتسخة لكنني لا أبكي كثيراً ...أستخلص الضوء من كومة قيح أخفيها أسفل فخذي البعيد جداً عيوني مفتوحة رغم أنني أنام متقلبا ً مثل مزاج الفقراء ...اتشبث بغطاء سريري الملون ببقايا حيوناتي المنوية اللطيفة و وجع التفاصيل اليومية ..أضع أنفي في سلة مهملات أتقيأ فيها عشائي الأخير لأعود للعقه في الصباح .. أربي أظافر قدمي لأحفر وجوهكم على قطعة خشب أرميها في البحر بعد أن أتبول عليها بحرص وروية كمن يسقيها الفجيعة كلها...
.
.
أبكي ..تماماً مثلما بكيت في القصيدة السابقة أشعل النار المجوسية المقدسة وأبتلعها بشكل أنيق رغم أنني لم أرتد نعلا منذ سنوات بعيدة ..أطلب من أبليس الحضور ليشاركني الطعام فأشبع بسرعة ثم يسلي نفسه بالوسوسة السرية داخل أذني ... أعثر على حبيبتي نائمة تحت لساني .. أبصقها بسرعة ... أعود للجلوس بجانبي أزرع أذرع مبتورة للصبح ..أصافحه بدلا من مصافحة قائد المعارضة في رأسي...أعود للبكاء كراهبة فقدت عذريتها ليلة عيد القيامة ...ألطم كرافضية عانس في أربعينية الحسين ...أتوعدكم بالموت و دفع الثمن غالياً كسنية مراهقة في غرف الدردشة الشيعية .. أصرخ كألم الدورة الشهرية في بطون الفتيات ... وفي النهاية أصمت كبقعة متسخة على قميص فتاة معاقة ...
.
.
أريدكم أن تحترموا العاهرات لأجلي ..أن تكرهوا هيئة كبار العلماء و أن تبتسموا للأشخاص الذين يرفعون أصبعا واحداً في أيديهم وعيونهم تصرخ بالدموع .. أريدكم أن تربوا الشياطين في صدوركم .. أريدكم أن تفرحوا بالفيضانات و العواصف و المجاعات و الموت حتى تتعود أرواحكم على تواجدي في جانبكم .. لا تتجولوا في طرقات قصائدي دون سكاكين مرة أخرى ...اشربوا الخمر معي و بنفوس مطمئنة و مستريحة ..أيقظوا الفتنة في عائلاتكم ..أزرعوا الشقاق بين الأب و الأم حتى لا ينفذ الماء الساخن ...أضرطوا في الشوارع الفرعية حتى يتعطر المارة ويدعون لكم باللعنات الرقيقة ... غنوا وارقصوا مع أعضائكم التناسلية حتى يفسد طلاءها ... أفعلوا هذا كله و أغسلوا عيوني المجهدة من طول التحديق في الماضي ...
.
.
على فكرة ...أنا أعرف زبالاً يكتب الشعر أفضل منكم أيها الحمقى ...
.
.
رشدي الغدير
الأربعاء، 15 يناير 2014
يلتقط أنفاسه بوهن كخياط يجر الابرة ويغرسها في جسده
أقتربت اليوم من ضعفي وقلة حيلتي وملامحي الذليلة وأنا أتسول الاصدقاء في ذاكرتي أن يتصدقوا علي بأكاذيب أحتال فيها على هذا البؤس الذي يتلبس روحي ويختنق في داخلي ...أنظر إلى المرآة فأجد رجل مثخن باليأس يلتقط أنفاسه بوهن كخياط يجر الابرة ويغرسها في جسده ..رجل غبي الى اخر حدود الغباء .. تلتف حول رقبته انشوطة الحماقة .. منذ كان في المدرسة وهو أكثر الكائنات صمتا ودمامه إلى الحد الذي بدأ يلفت أنظار الطلبة و يثير أسئلتهم حتى ظنوا أنه المسخ .. وعندما أصابته الحمى في طفولته كانت جدته تضربه على ظهره لفرط اختناقها وسخطها وازعاج بكائه المتواصل لها ..كان يشعر بالخوف يلتصق بحواف البيت وفيما كان مندس تحت السرير لفرط الرعب راح يأكل الورق .. وعندما وقع في الشعر وأنتصب قضيبه فتح عيونه قبيل الفجر و توهم بأنه محاط بالنيران من كل صوب .. فما كان منه إلا أن قذف بنفسه من النافذة المفتوحة ليسقط على رأسه ويذهب في غيبوبة استمرت اربعة ايام .. فتح عيونه في المستشفى وابتسم مثل احمق وجد نفسه تحت نهد الممرضة المحجبه وهي تقول له ما اسمك ليجاوب بكل غباء : اسمي رشوود .. فضحكت له الممرضة وقالت : شاطر يا رشوود .. وها هو في الخمسين وما زل يبحث عن انثى تبلل جفاف روحه وتهمس له شاطر يا رشوود ... أيها الاحمق …
.
.
الحقيقة التي لا ريب فيها هي أنني لم أعد شاباً... لا يمكنني أن أمنع نفسي من التفكير في كل الآخرين الذين لم ينجحوا في بلوغ السن التي وصلتها... إنَّه مثال واحد على الأمور الكثيرة التي تحدث في رأسي ..لهذا قررت أن اكتب الان قبل ان تتلاشى حياتي تماما واسقط ميتاً و بشكل نهائي .. لقد كانت حياتي متوحشة الى ابعد الحدود...عشقت نساء كثيرات لا أتذكرهن الآن و لا اميز بين اشكالهن .. اللعنة لقد نسيت اسماءهن ... انمحت ذاكرتي تماما... اضحت الوجوه الناعمة والخبيثة سيان .. كان الأمر المشترك بينهن هو النيل مني وانتهاك روحي المتوهجة و القضاء على حريتي المقدسة .. اتحسس آثار المواجهات المدمية في ذاكرتي و اشعر بالحنق والحزن والوجع اللذيذ .. وعندما أدرك أنني وحيد الآن انهار تماما و تتضاءل معالم الاشياء في عيني .. وبمزيد من التجهم والياس والقنوط أستمر في هذه الحياة ...
.
.
أعترف أنني أشتاق للعراك مع اصدقائي الاوباش الاوغاد ابناء السخط واللعنات اصدقائي المتسخة حياتهم بالسعال والغبار والسجائر الرخيصة ورائحة العفن التي تزكم انفي .. العفن الصادر من اجسادهم المتعرقة .. أبناء الفقد والاحباط والملل .. كانوا ينظرون إلي بابتسامة واسعة وانا اصرخ بهم ..واحدا ...واحدا ...كنت أتمنى لو أن احدهم قام من مقامه حتى اعجن وجهه بلكمة مقوسه لكنهم يعرفون أن لا شيء يمكنه أحراق رماد أعصابي غير الابتسامات الفجه التي يوجهونها الي مثل طلقات مسدس قاتلة تصيبني بالجنون والغضب … أشتاق لتوبيخي لهم وأنا أصفع الباب خلفي محتقن الوجه احملق في الطريق دون هدف كلما فقدت اتزاني ... أشتاق لأصدقائي الموتى ...أبناء الكلب لقد ماتوا وتركوني وحيداً مع مجموعة قراء بلهاء في هذا المكان ...
.
.
رشدي الغدير
الاثنين، 13 يناير 2014
ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا
كنت مستلقيا حول ذاكرتي ..حاولت جاهداً تذكر وجه أمي ولم أستطع ... الأمر يبعث على الملل ... لقد نسيت وجه أمي .. القيت نظرة خلفي على البقعة التي يسقط عليها ضوء شحيحا من أعمدة إنارة الشارع ..وجدت أبي يقف فيها تماماً .. لا يتحرك ولا يتكلم و لا يبتسم .. فقط يقف في منتصف البقعة .. وينظر مباشرة إلى باب الغرفة ..منذ أن مات والدي وهو يحترف الصمت في منتصف البقعة نفسها ... أسمع أصوات ارتطامات أعلم أنها في جوفي أنا فقط .. يعود الهدوء المزعج .. أفشل من جديد في تذكر وجه أمي .. الفشل يتربع فوقي كإله استيقظ توا من قيلولته الأبدية .. ألا يكفي أن شعري قد ضجر من رأسي وبدأ يسقط شعرة .. شعرة ... وكأنني شجرة في الخريف .. أبتسم من فكرة الشجرة .. وأحزن من فكرة الخريف ..
.
.
كنت مستلقيا حول ذاكرتي ... أراجع قاموس الشتائم التي أخلقها كلما باغتني غباء الكائنات السعودية .. قررت أن أدون شتائمي في مخطوطات وأتركها كتراث شعبي لسكان مدينة الدمام المقدسة .. ( كتاب شتائم رشدي الغدير في أبناء العاهرة و السفلة و الخنازير ) .. وقبل نومي راهنت أزرار قميصي المتسخ على أن هذه الشتائم ستتحول إلى لغة إطراء بعد موتي وسيتم دمجها في المقرارات و المناهج الدراسية للمرحلة المتوسطة وستصرف لها الدولة مبالغ هائلة لترجمتها من اللغة السوقية المنحطة إلى اللغة الأكثر إنحطاطاً وبذائة ... طبعا يجب أن أكتب الشتائم بالأرقام كيلا يتم تحريفها والتلاعب بها مثلما حدث مع نصوصي الشعرية التي سرقوها أبناء الكلبة وحرفوها وأفسدوا دلالاتها النورانية ... حسناً يمكنكم سرقة شتائمي يا أبناء الكلبة .. يمكنكم سرقة قضيبي المنكمش بعد موتي ودسه في أفواهكم ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا ... يا أبناء الكلبة ...
.
.
كنت مستلقيا حول ذاكرتي ..أفكر في تناول سمكة مشوية بالشوكة و السكين وبكامل أناقتي مثل النبلاء ... أشاهد وجه أمي بعيناي اللزجتان وأكمل شتم العالم القذر و أبتسم من فكرة الشجرة .. وأحزن من فكرة الخريف ..
.
.
رشدي الغدير
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)