المحقق - هل هذه الصور لك
أنا - نعم يا حضرة المحقق هذه الصور لي لكنها صور منتشرة في الأنترنت وفي المواقع الثقافية
المحقق - لقد وجدنا الصور في دولاب الفتاة المنتحرة التي تسكن في الشقة رقم 204 كما وجدنا ثلاثة دفاتر بالمقاس المتوسط مسجل فيها يوميات وقصائد وكلها تدور حولك تحديدا ..هل يمكنك شرح هذا لي
أنا - لا علم لي بالأمر يا حضرة المحقق أنا شاعر وصوري وكتاباتي منتشرة بشكل يسمح للجميع بطبعها والاحتفاظ بها..
المحقق - هل سبق لك التحدث مع الفتاة المنتحرة هل كانت بينكم علاقة من أي نوع ...
أنا - لا يا حضرة المحقق لم يسبق لي التحدث معها ولا توجد بيني وبينها علاقة من أي شكل..
المحقق - حسناً يا رشدي الغدير وقع على اقوالك ويمكنك الذهاب بعد أخذ البصمات وسيتم استدعائك فيما بعد لاستكمال التحقيقات
أنا - شكرا ً لك
...
كنت أريد الأعتراف للمحقق بأنني أنا من قتلها أنا من دفعها للموت من أعلى إلى أسفل كان في انتحار فوز من الطابق السادس إلى اسفلت الرصيف نزولا من مرتبة الحجاب والإيمان بالله إلى مرتبة الكافرين الذين يقتلون أنفسهم ... وللأسف أنا الذي دفعتها لهذا اللأمر ..
الآن عرفت ..لماذا تذكرت تلك الرسالة من فوز في الفيس بوك وهي تقول أنها ذاهبة إلى الله...لم أعرها أي اهتمام قلت في نفسي أنها فتاة مراهقة ومزعجة ترسل لي رسائل عن عذابها مع زوجة والدها وعن حبها لكتاباتي وأنها تضع صوري تحت وسادتها وتبكي بحرقة دون أن تمسح دموعها وكثيرا ما يؤلمها تجاهلي لها ...اللعنة كم أنا وغد ... ليتني منحتها القليل من العطف لو أنني بادلتها الرسائل الكثيرة التي ترسلها لي برسالة واحدة فقط .. لو أنني فعلت ...
.
.
المحقق - الو استاذ رشدي
أنا - نعم اهلا بك
المحقق - وجدنا خيوط في القضية أود منك الحضور في مكتبي لو سمحت
أنا - أحتاج نصف ساعة فقط وسأكون عندك
....
ماذا يريد مني المحقق ماذا تراه وجد .. هل قامت فوز قبل انتحارها بكتابة رسالة للجميع تعترف فيها أنني أنا سبب انتحارها هل يمكن هذا ... ماذا لو دخلوا على صندوق رسائلها في الفيس بوك ووجدوا كل الرسائل التي كانت ترسلها لي وحديثها عن هبوطها الكامل من العقل إلى الجنون وشكها بالسماء بسبب كتاباتي العبثية حول الإيمان بالغبيات ..
اللعنة ..لقد كانت معجبة بقصيدة الشعوذة الشعرية قالت أنها تتخيل نفسها ميتة بين أحضاني وأن الجن يرقصون حولها ... كانت تستهجن عدم فهمي لسر العلم الإلهي الغيبي وصفات الخير والقدرة العادلة لله مع وجود الألم في حياة البشر ..كانت تدور في حلقة كتاباتي عن الإيمان المطلق في فقد الإيمان المطلق كانت خائفة على إيمانها كانت تراقب نفسها من خلال كتاباتي كانت تتوقع وترتعب وتخاف ان تموت منتحرة وهي الفتاة الملتزمة بالدين كما أخبرتني في رسائلها كانت تصلي حتى وهي نائمة ..
الان فهمت لقد كانت تحمل الهوس بالموت منتحرة وكان تجاهلي لها ولرسائلها بمثابة تأكيد التوقع الذي لازمها طوال الوقت ..
يجب أن امسح كل رسائلها من صندوق بريدي في الفيس بوك وحذف حسابي كاملاً قبل أن يصل المحقق لشيء ...
.
.
المحقق - لماذا تأخرت في الحضور يا أستاذ رشدي
أنا - أعتذر عن تأخري لقد تعطلت السيارة في الطريق
المحقق - لا بأس ..عموما لقد حدث شيء في التحقيقات حول انتحار الفتاة
أنا - مالذي حدث ؟؟
المحقق - كنت أجري التحقيق هذا الصباح مع زوجة والد الفتاة ..هل أخبرتك أن الفتاة المنتحرة كانت تعيش مع والدها وزوجة والدها بعد وفاة والدتها وهي في سن العاشرة
أنا - لا ..لم أكن أعلم بهذا اللأمر
المحقق - لقد انهارت زوجة والدها وأعترفت أنها كانت تعذبها وتضربها بشكل وحشي وأنها كانت تحرق يد الفتاة بالملاعق الساخنة وتحبسها وتغلق عليها الباب لأيام ناهيك عن شتمها بقسوة
أنا - هذا محزن حقاً .. الفتاة المسكينة ما كان على زوجة والدها أن تفعل هذا بها
المحقق - نعم معك حق ..لكن ثمة علامة استفهام في القصة كلها
أنا - ماذا
المحقق - هناك شخص غامض لم نجد له أي سجلات في ملفاتنا ... اسمه ..غدري الرشيد ..هل تعرفه
أنا - لا لم أسمع بهذا الاسم من قبل
المحقق - لا بأس .. أظنه من صنع خيالها .. لقاد كانت تكتب اسمه في دفترها وترجوه أن يتركك او يخرج منك ..شيء غير مفهوم ...
أنا - لا علم لي بهذا الأسم
المحقق - حسناً يمكنك الانصراف ... لقد تم اغلاق ملف القضية
.
.
اخر رسالة وصلتني من فوز ...قبل انتحارها
.
.
رشدي ..لماذا لم تقنعني منذ البداية أنك لا تحبني فحسب؟! .. الآخرون فعلوا ذلك ببساطة ...كلهم تركوني أنزف وحدي .. الذين جاءوا وذهبوا، أو الذين جاءوا واستمروا لأسباب ليس من بينها أنهم سيجعلون عالمي أقل قسوة .. لكنك كنت الوحيد الذي يقرأ حزني الوحيد الذي يستحقني .. تجاهلك لرسائلي يسحقني .. يسحقني ..ولا أعلم ماذا أفعل .. هذه اخر رسالة مني يا رشدي ..أنا ذاهبة إلى الله
تحياتي ... فوز
.
.
.
.رشدي الغدير