Translate

الجمعة، 3 فبراير 2012

لماذا اسمي رشدي الغدير ؟؟

 ابي ..كنت تنصحني وأنا طفل أن لا أخاف من ظلام الغرفة في أوقات النوم وكلما صرخت في سريري كنت تهرع بلهاثك لتقف على رأسي وتوبخني بطريقتك الغاضبة وتقول أنت طفل جبان وتخاف من ظلك .. والدواسر لا يخافون من شيء ولا يبكون ..نعم يا أبي لقد كنت أنت على حق ..أنا جبان وأخاف من ظلي وأهرب منه إلى ظل الأخرين خافضاً رأسي كما لو أنني قد بللت سروالي ..لفد قادتني الظلال المخيفة إلى جوف الوحدة والموت ..ومن فرط خوفي من الظل كنت أسابق الرياح في الشوارع من الصباح إلى المساء...دون كلل ..أبحث عن مكان يلفظني من عيون الأخرين... حزين أنا يا أبي حزين كما لو أنني الحزن كله ....


.

.

أعرف أن اسمي لا يعني لي شيء وأنه في نهاية المطاف ليس إلا مجرد مفردة اختارها والدي ليتذكر أشياء تعنيه وحده فقط ... إن قلبت اسمي يصبح (يد شر وليس يد خير ) يد تمتد لتهادن لا لتضرب .. يدي المستقيمة ليست إلا امتداداً مخادعاً لأفكاري المنحنية الرتيبة .. يجدر بي الآن أن أدون كل شيء عن الأيادي المستقيمة ... والأفكار المنحنية والاسماء الغبية مثل اسمي هذا ...

.

.

مات والدي ولم يخبرني بسبب تسميتي برشدي .. مات والدي وانا متفرغ تماماً لكم ومستعد لخلق أشياء جميلة قد تسعدكم .. متفرغ أنا و بين أسناني الحقيرة وقت أمضغه وأبصقه على الجدران ليسيل مثل دموع النساء .. سأخلق لكم أي شيء تريدونه ... رغم أن أمعائي منقبضة وضراطي لم يتوقف منذ البارحة ... سأخلق لكم أشياء تحبونها يا مخلوقات الله اللطيفة ... ماذا تريدون بالضبط ... بسرعة قبل أن تدفعني أمعائي إلى النوم في حمام القرية المتسع ... مات والدي ولم يعد لي شيء أفعله ....

.

.

منذ ثلاث ساعات وأنا أحدق بوصية والد صديقي المتوفى قبل عشر سنوات .. أخطاء نحوية و املائية فادحة لا تليق برجل على وشك الموت .. يوصيهم خيرا بأختهم الوحيدة (فتاة غبية كانت تضربني في طفولتي ) يوصيهم خيراً بأناس رحلوا منذ سنوات ... ( اسماء اعرفها تقريبا كانوا جيراننا في الحي ).. يوصيهم خيراً بانفسهم .. ويترك لهم ما يقارب العشرين مليون ريال ... ثلاثة حمقى مع أختهم الغبية ... تراودني رغبة في اشعال النار بهذه الورقة ثم اطفائها ببصقة مركزة من بين أسناني الأمامية ... بأختصار يمكنكم القول أنني كنت اراجع تاريخ خيباتي ... ثمة سؤال هنا : لماذا مات والدي دون ان يكتب وصية ... لماذا مات والدي دون أن يفسر لي سبب تسميتي بهذا الاسم الغبي...

.

.

رشدي الغدير

................

ملاحظة :

 

كان أبي يضربني حين أبكي لأن الدواسر لا يبكون ... وقبل موته بأيام كان أبي يبكي وهو يعتذر لي عن كل صفعاته النائمة في وجهي ... لقد وبخ نفسه كثيراً وحملها كل الفواجع التي مرت على أبنه السمين ... أبي فمي صار ينطق بكلام يشبه كلامك ولقد صفعت أبني ابراهيم البارحة لأن الدواسر لا يبكون .... لا عليك سأعتذر منه قبل موتي بفترة كافية ... اللعنة هذا فيه مضيعة للوقت

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق