كنت أستحم وبعد خروجي من الحمام أكتشفت أنني نسيت فمي على المنشفة ... ماذا تسمونها فوطة .. حسناً نسيت فمي على الفوطة .. لكنني أفضل تسميتها منشفة ... على كل حال نسيت فمي عليها ... وعندما رن الهاتف بادرت برفع السماعة كي اجيب ... قال المتصل : الو الو .. وبسرعة أنتبهت لفمي الملتصق بالمنشفة ... نزعته من المنشفة و وضعته في مكانه الصحيج أسفل أنفي ...قال المتصل : الو الو ... لكن فمي لا يعمل ... المنشفة جففت كل الكلام الذي لقنه لي والدي منذ أن كنت صغيرا وغير معني بكوارث العالم ... حاولت تدريب فمي لينطق او يصرخ او حتى يخرج همهمات ... لكن كل محاولاتي بائت بالفشل ... وها أنا على مشارف الخمسين اعيش بفم معطوب و بدون صوت يؤنس وحدتي الهائلة ....
.
.
وماذا ...بعد ...
.
.
حتى وأنا أتجول بفمي المعطوب وبدون صوت ليس في نيتي قتل أحد ولا أشعر بالخوف تماماً ... كل ما في الأمر أنني كنت أغسل ملابسي فخرجت امراة من بين أصابعي ... امرأة سمينة وقصيرة تبتسم قالت لي أن رأسي مليئ بالشياطين ...فما كان مني غير غسل رأسي مع ملابسي في نفس الطشت ...والمرأة السمينة القصيرة التي خرجت من بين أصابعي .. أنجبت أصابع صغيرة ثم ماتت .. الآن أخبروني ماذا أفعل بكل هذه الأصابع الصغيرة في الغرفة ....
.
.
وماذا .... بعد
.
.
لا يسعني التفكير بشيئاً أحبه أكثر من صوتي المفقود ... الحب هههههههه اللعنة ها أنا أضحك من جديد ...الحب هراء ... محض عبث .. حتى أفلاطون لا يؤمن بالحب ويقول أنه مجرد نقص .. فنحن نحب ما ينقصنا .. نحب ما نفتقد ... أنا أحبك يعني أنا أريدك أن تكون لي لأنك تنقصني .. والمحب هنا لا يحب الآخر بقدر ما يحب امتلاكه وهو بالتالي لا يحب إلا نفسه... هل لامستم الغباء الكامن في الحب ... حسناً سأوضح موقفي من الحب أكثر ... أحبك و أنا سعيد لأنك موجود تعني سعادتي هي الأهم بالنسبة لي ولا يهمني إن كنت أنت سعيدا لأنني أنا سعيد لأنك موجود و أنا أحبك .. أي أنني غير مهتم بكونك انت سعيد من عدمه المهم أنني انا احبك وسعيد بهذا ... يالفجاجة الأمر وقبحه وغبائه ... قمة الانانية و الحماقة والبلاهة ... الحب وساخة .. قذارة ... وجه من وجوه الكراهية لكنه مستتر بقناع أجوف ... اللعنة كيف أصلح فمي المعطوب ... أحتاج لصوتي كي أطلب كوب قهوة من النادل
.
.
وماذا ...بعد
.
.
لا شيء
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق