كنت أعول على هذا العيد أن يكون موسما لأمسياتي الشعرية لكنني فقدت بريقي في عيون جماهيري ولم يتم دعوتي لعمل أمسية واحدة .. ونظراً لشح الموارد قبلت بتمثيل دور المهرج في ملاهي الحكير .. وضعت الأنف الأحمر والأصباغ والقبعة وملابس المهرج والبالونات وتلقيت كل صفعات الأطفال بصدر رحب .. أعتذر لذاكرتي المثقوبة وسأكمل تعقب الهباء على أنه سلعة رابحة وسأمشط لحية أبن تيمية مستعيناً بلحية ماركس .. سأغسل كنزات موراليس مع عمامة الشيخ الشوكاني و سأكتب اسم سيمون بوليفار بجانب اسم العز بن عبدالسلام رضي الله عنه ...
.
.
اليوم ..تنازلت عن مجدي وعملت كمهرج في ملاهي الحكير أنفخ البالونات وأزرع الفرح على الوجوه الصغيرة .. أنا أتحول إلى مهرج من أجل مبلغ تافه .. أه يا قلبي في طفولتي كنت ذلك الولد الذي يجتمع لأجله كل المهرجون بعد العاشرة ليلا ليختبروا قدراتهم السحرية في عيونه .. النوم يخذلني .. ماذا أفعل ليس لدي صديق أحبه إلى درجة أنْ ازعجه بالاتصال به هاتفياً كلما رغبت في الحديث ..أنا متورط في هذه الحياة حتى آخر رمق ..حتى أحلامي تافهة وغير جديرة بالنوم .. في آخر مرة أقسمت أن أحلم في أن لا أحلم مرة أخرى لكنني حلمت
.
.
لقد اشتريت بالمكافئة المالية زجاجة خمر طاهرة ووفية تشبه أمي في تقبلها لكل عيوبي .. لن أعود غداً لتمثيل دور المهرج في ملاهي الحكير .. وها أنا أستمتع بسماع أغنية ساذجة عن الحب اغنية تافهة جدا لمحمد عبده ومن كلمات خالد الفيصل .. يالها من أغنية ساذجة .. الخمر سيدخلني في سعادتي المنشودة وسأصاب بالفتنة والنشوة عند الكأس السابع وسأضحك على منظر ملابسي المتسخة المكومة مثل جبل خجول وسأضحك على كل قصائدي الكسيحة وسأضحك على حياتي البائسة وسأقتل الملائكة بسكين المطبخ لو تسلل احدهم من السماء عبر فتحة المكيف ..
.
.
عندما مثلت دور المهرج في الملاهي اليوم صادفت ولدي ابراهيم كان قادما برفقة خاله الوغد وابناء خاله الاوغاد الصغار .. لكنه لم يتعرف علي .. أعطيته بالون اصفر وتعمدت التعثر أمامه ليضحك لكنه مثل والده تماماً .. لا يكترث بشيء .. شعرت بالخجل من نظرات عيون ولدي وكأنني أدفع نفسي إلى فرضيّةً غبية .. شخصيتي حمقاء لكنها ليست تافهة .. طبيعتي تحتم علي عدم احترام الكائنات البشرية لكنني لا أكره أبناء البشر الضعفاء ... ربما كنت افضل العشب والاحجار وقليل من الصمت على الكائنات البشرية ..
.
.
أنتم رعاع و أنا سكران ...ما الذي سأفعله في هذة الصفحة .. أه تذكرت : سأضحك عليكم ... أنت تعلمون جيداً أن لا شاعر منكم غيري ... وتعلمون أن سروالي يكتب أفضل منكم .. حتى وأنا أمثل دور المهرج في ملاهي الحكير كنت أشاهد نفسي أتغوط على صدوركم و أشرب الشاي ... أنا من عبر الأشياء في عدميتها وخلقها من جديد .. انا من زاوج النقائض ودوزن عهر الشعر وخلاعة الحروف .. أنا من تطاول على أحلامه وقامر عليها وربح الخلود الأبدي بين أنفه وفمه ... أيها الرعاع أنا رشدي الغدير فأحمدوا الله كثيرا وأشكروه على بقائي بينكم
.
.
ولدي ابراهيم سيكبر و سأدعوه لأول علبة بيرة هاينكن له عندما يبلغ الخامسة عشر وسأوبخه بدون سبب و كآخر الأشياء التي أفكر فيها الآن سأدفعه لزيارة عاهرة طيبة تعلمه الجنس وشرب الحشيش والخمر والبطولات وربما شاركته بها ليسدد ببراعة مثلما كنت أفعل وأنا مراهق صغير .. أدرك أنها محاولة فاشلة جدا لشكل غير معلن من أشكال التواصل مع ولدي الصغير لكنني أشتاق إليه وهذا يشكل نقطة من نقاط ضعفي النادرة ... حسناً يمكنكم حذفي ...يمكنكم ركلي من قائمة اصدقائكم السذج التافهين الأغبياء ... فهذا لا يزعجني اطلاقا
.
.
اتصلت بولدي ابراهيم قبل قليل وطلبت منه أن يسكن معي ويترك أمه وجدته واخواته لكن الوغد رفض وقال أنه لا يتحمل رائحت ضراطي وأنا نائم .. سأخطفه يوما ما وسأرغمه على العيش معي و سيكون رجل شجاع عندما يكبر ... وسأمنعه من البكاء والنوم مبكرا ومن العادة الغبية في شرب الحليب .. وسأخيره بين الأديان السماوية .. طبعا سيساعدني صديقي اليهودي كارلوس وصديقتي المسيحية الين سيشرحان له مميزات كل دين وستكون فرصة نادرة تتاح لطفل مسلم في أن يختار مصيره ... دون تهديد بالقتل من أحد
.
.
لقد كنت المهرج اليوم ....
.
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق