Translate

الجمعة، 3 فبراير 2012

لستُ قاسيا كما تظنون ....


 تركت بصري بإهمال بين رفوف الاحذية و قلت في نفسي: "كل الأحذية تبدو متشابهة وسعرها مبالغ فيه في النهاية لن تقبل هذه الأحذية غير الارض "، هممت بالانصراف من محل الأحذية و قبل أن أبلغ نهاية الباب ارتطم حذاء بقوة على الأرض من تلقاء نفسه... وقع بشكل غريب وكأن جني خفي دفعه ... صفع الحذاء لمكان الذي كنت أنا واقفاً عليه تماماً ... ارتعدت مفاصلي واتجهت كي أعيده إلى مكانه .. وما أن أمسكت الحذاء بيدي حتى سمعت الحذاء يتحدث معي ويقول : أرجوك أنقذني من هذا السجن أريد الحرية ... دفعت ثمن الفاتورة الخيالية كالمغفلين بكل تأكيد .. وها أنا أضع الحذاء أمامي على المنضدة وأتحدث معه ... أنتم لا تعرفون شعور رجل يتحدث مع حذائه ... اللعنة هذا فيه مضيعة للوقت ...


.

.

العيد لا يعنيني في شيء ... أرفض أن تلمحوا فرحي .. لا لشيء سوى أن عيناي ليست مستعدة لتستقبل بهجتكم المؤقتة .. أرفض هذا الزيف والتنويم المغناطيسي لخيباتي المتتالية .. أضحت الأسئلة مُثيرة للسخرية بما أني كنتُ أكثر الأطفال فرحاً في العيد خاصة انني في طفولتي كنت هدفا لقبل وبوسات أجمل الفتيات على خدي لقد كنتُ اعيش سعادة كافية ضمن حدود معايير الطفولة في حياتي السابقة وقبل أن تنزل علي لعنة الشعر والكتابة والموت.. وها أنا في الأربعين أنتف ما تبقّى من ريش عن أعناق الدجاج الميت في ذاكرتي ... أغربوا عن وجهي لست في مزاج جيد لفرحكم المزيف ... أوغاد وجب قتلكم منذ زمن ...

.

.

أنا سعيد في هذا العيد ... لحظة لماذا أستمر في الكذب عليكم أيها النبلاء ...للعلم أنا أكبر كذّاب ستقابلونه في حياتكم ... شيء فظيع .. ولا يمكن تصوره حتى إذا كنتُ متوجهاً إلى عملي و سألني أحدهم إلى أين أنا ذاهب ...فمن الممكن أنْ أقول له أنا ذاهب للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود لقد دعاني شخصياً لأختار مجلس الوزراء الجديد بعد الغداء مباشرة .... لذا عندما قلت لأمي هذا الصباح إنني سعيد و في غاية البهجة والفرح ... لقد كنت أكذب كان ذلك محض هراء لاجعلها تبتسم فقط ... وها أنا أكذب عليكم وأوهمكم أنني سعيد في هذا العيد ... عموما هذا لا يزعجني اطلاقا ....

.

.

أنا لست قاسيا كما تظنون .. أنا فقط .. أبحث عن شخص ما أستطيع أن أبتسم في وجهه وبأقل خسائر ممكنة في يوم العيد ... وبجرعة أقل من الأذى ... طوال الأعياد الماضية كنت مشغولاً برعاية أبي المشلول الذي كان يتغوط داخل ملابسه .. أبي المصاب بالزهايمر كنت أنظف شرجه بفوطة مبللة وأحمل ثيابه إلى الحمام لأغسلها جيداً ... توفي والدي قبل أربعة أشهر ... لقد تعودت على كل شيء مع والدي ..الرؤية و الرائحة و الغثيان و التقيؤ وسبابه لي عندما اتأخر عليه خاصة عندما يبدأ الخراء بالجفاف بين شدقي مؤخرته ... توفي والدي لكنه ما زال يزورني كل ليلة في غرفتي وهو يحمل قطة دهستها سيارة ... أنتم لا تعرفون شعور رجل يشاهد والده الميت يتجول أمامه في الغرفة ليلة العيد تحديداً ... اللعنة هذا فيه مضيعة للوقت ...

.

.

رشدي الغدير

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق