كيف تقضون وقتكم في الجنة يا أبي هل تشتاق لأحد من أهل الأرض .. قال "كلا يا بنيّ أنا لا أشتاق إلى أي شخص أو أي شيء .. إنَّ المرء في الجنة يتعلّم الرضا بسرعة. و إذا رغبنا في في الأكل او الشرب يمكن تحقيقه في الحال ... يمكنكَ أنْ تحصل على مجبوس الهامور في الجنة مع سلطة الجرجير و الفجل يا بني .. أسرع في موتك وتعال لتشاهد الحور العين وهن ييغسلن الصحون بعد الغداء مباشرة .. حسناً يا أبي أعدك أن أموت بسرعة نهاية هذه السنة المفجعة ...
.
.
أخبرني يا أبي كيف تصلكم أخبار أهل الأرض في الجنة هل توجد قنوات فضائية وإخبارية تبث داخل الجنة هل يوجد عندكم كهرباء وفواتير واستهلاك و إدارة تحصيل الديون المستحقة .. قال أبي : كلا يا بني لا توجد قنوات فضائية رخيصة في الجنة ولا توجد وزارة لتحصيل الفواتير ولا شيء من هذا ... لكننا نشاهدكم من خلال رغباتنا فكلما رغبنا في الحصول على أخر أخباركم تحقق لنا هذا .. ودعني أزف لك التهنئة يا بني على النجاحات التي تحققها في مجال الكتابة على الأرض .. لقد كنت أتابع مسيرتك المهنية يا بني وها أنت تحقق حلمك في أن تكون من العظماء ... سيتم ترشيحك لجائزة نوبل للأدب قريباً يا بني .. لقد أثرت ضجة حتى في هذا العالم يا بني .. أنا فخور بك جداً .. قلت له شكرا يا أبي ... شكرا كبيرة لك ولكل الأحبة في الجنة ...
.
.
عندما حشرت رأسي داخل بالوعة الحمام المزدحمة بالصراصير لأنظفها .. رن جرس الهاتف المحمول في جيبي قلت في نفسي من هذا البغيض الذي يزعجني في اتصاله وأنا لم أنهي تنظيف البالوعة بعد ... أجبت على عجل ودون أن أنظر إلى رقم المتصل قال لي : الو هل يمكننا التحدث إلى السيد رشدي الغدير ... قلت له نعم نعم أنا رشدي الغدير تفضل كيف أخدمك ... قال لي : أهلا سيد رشدي نحن لجنة جائزة نوبل للأدب يسعدني أن أزف لك خبر فوزك بجائزة نوبل لهذا العام .... قلت له : حسناً هل يمكنك تأجيل الإتصال ريثما أنهي عملي أرجوك .. قال لي : أه نحن نعتذر عن ازعاجك في هذا الوقت لا شك أنك في صدد إنهاء عمل أدبي عظيم يا سيد رشدي ... قلت له : نعم نعم أنا أعمل على إنهاء تنظيف بالوعة الحمام وإخراج كل القذارة والخراء الذي يسد تنفسها ... قال لي : أتمنى لك التوفيق ... وداعاً
.
.
وإنني كلما نسيت "صفعت جبهتي .. أترك الصراصير تمر فوق علب البازلاء المفتوحة فقط لاحقق عدالة ما ... وبكُم قميصي أمسح الغبار عن الظهيرة و أدفع الشمس إلى اليمين قليلاً فيما أنفخُ الهواء من فمي على الغيوم القبيحة .. أكدسها على حواف السماء ... وبخيبات لاعبي كرة القدم المهزومين أركل احتمالاتي القليلة بحرص وأركض خلفها ... هكذا أقضي يومي كيفما اتفق ...
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق