والدي العزيز كان عليك أن تستعمل الواقي في الأوقات الحميمة مع أمي .. أنت في النهاية لم تنجب ولد بل أنجبت وجهة نظر لا تنسجم مع تدهور المناخ العام في هذا الوطن الأبله ..صدقني يا أبي لقد كرست وقتي كله في محاولة الحفاظ على نفسي خارج سجون الدولة وفي عدم صفع من يصادفني على وجهه وفي كبح جماح شهيتي للكتابة ..وللأسف لقد فشلت في كل شيء ..وها أنا أعاني من فوضى في دماغي وأعيش من أجل الأخرين فقط
.
.
أبي ..أنا دائماً أغلي كالقدر فوق النار .. لماذا؟ سؤال جميل والجواب يا أبي له ثمن سيجارة على الأقل، ضعها هنا خلف أُذني..لا بل ضعها في فمي مباشرة و اسمع لم يكن غضبي الذي بإمكانه أن ينزل كمخاط من أنفي نتيجة فشلي مع كل النساء في العالم فالنساء محض هراء لا أعول عليهن كثيرا ولم يكن السبب أيضاً ضياع مدخراتي القليلة في سوق الأسهم والبورصة بل كان السبب يا أبي هي تلك الطريقة الفجة التي يعاملني بها الناس الذين يمارسون القراءة لنصوصي ولا يكفوا عن الإشمئزاز من كلامي رغم أنني لم أكتب هذه النصوص لهم ..صدقني يا أبي لم أكتب شيء لأجلب اهتمامهم ..
.
.
ابي ..كنت تنصحني وأنا طفل أن لا أخاف من ظلام الغرفة في أوقات النوم وكلما صرخت في سريري كنت تهرع بلهاثك لتقف على رأسي وتوبخني بطريقتك الغاضبة وتقول أنت لست دوسريا .. الدواسر لا يخافون من شيء .. انت مجرد طفل جبان وتخاف من ظلك ..نعم يا أبي لقد كنت أنت على حق ..أنا جبان وأخاف من ظلي وأهرب منه إلى ظل الأخرين خافضاً رأسي كما لو أنني قد بللت سروالي ..لفد قادتني الظلال المخيفة إلى جوف الوحدة والموت ..ومن فرط خوفي من الظل كنت أسابق الرياح في الشوارع من الصباح إلى المساء...دون كلل ..أبحث عن مكان يلفظني من عيون الأخرين
.
.
حسناً ..أنا لا أشعر برغبة في الخوض في ذلك كله... فأولا تلك الأحداث تُضجِرني، وثانياً، سوف يُصاب كلٌ من والديّ بالغضب إذا ما أتيتُ على ذِكر أي شيء شديد الخصوصية عنهما... إنهما شديدا الحساسية حيال أي شيء بهذا الشأن.. خاصةً والدي. إنهما لطيفان وما إلى ذلك – أنا لا أُنكِرُ هذا – لكنهما حسّاسان كالجحيم. ثم أنا لن أحكي لكم كل سيرتي الذاتية اللعينة أو أي شيء... أنا فقط أحاول التنفس بشكل سهل ومختلف ...يمكنكم الرحيل الآن ...هذا لا يزعجني اطلاقاً...
.
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق