منذ طفولتي وأنا وغد محترف ... لم أعجز عن تنفيذ أي عمل رغبتُ في تنفيذه حتى حين كنتُ أحطم ألعابي كنت أتمنى الموت لألعاب أخوتي وحين ينام الجميع أدهلز الممرات في المنزل بحثاً عن العابهم لأحطمها وفي الصباح كنت أبكي معهم وأتهم الجن ثم أضحك ..أقنعت نفسي أنني الناجح الوحيد وأن كل من حولي فاشلين ومُثيرين للسخرية ..لم أساعد أحدا في حياتي ولم أشعر بعاطفة او تعاطف مع أحد كنتُ عاجزاً عن تبادل مشاعر المحبة مع الأخرين ... وهذا لا يزعجني اطلاقا ...
.
.
في طفولتي كنت أسخر (وبشكل يثير الغثيان) من الحمقى اللذين يعتقدون أنني طفل طيب كلما أحمر وجهي وظنَّ الناس كالمعتاد أنني ولد خجول ولطيف ..في الواقع كان وجهي يحمر لفرط حنقي وغضبي وعدائي المستمر لنفسي ولهم ورغم هذا كنت أشفق عليهم بيني وبين نفسي وأقول أن الناس بلهاء تقودهم عاطفتهم الغبية بصدق .. لا أنكر أن برائة نظراتي كانت تنقذني من إتهامات بعض البنات اللواتي كنت أضربهن والكمهن بقبضة يدي الدامية كان منظر الدم وهو يسيل من انوفهن يبهجني جداً ... وهذا لا يزعجني اطلاقا ....
.
.
وكأن أمي أطعمتني الدماء منذ طفولتي لقد وطنت نفسي على أن لا أثق بشيء وأن لا أحتاج شيء .. أردت أن أختزل شعور الحرية وأصقله في وجهي ليخدم نزواتي فقط .. هذا هو الشكل الذي دربت نفسي عليه ... كبرت كرجل لا مبالي ولا يكترث لشيء ولا يعرف الحب ولا يمكنه التعايش مع النساء .. يفقد أصدقائه بشكل مستمر ولا يأسف على رحيلهم من حياته ولا يفكر بهم ولا يحمل حنينا مبهم لشيء غير موجود .. أنا هو أنا وهذا يسعدني ...جداً ... ولا يزعجني اطلاقا .....
.
.
سأكون صريحا معكم ... حسناً أنا لست سعيداً الآن ..أنا أدعي السعادة فقط لكي أدخِلَ السرورَ إلى قلبي ..أما في أعماقي فلم أكن سعيداً أبدا ...ولا تطلبوا مني تفسيرا او سبباً لذلك .. لن أشرح لكم شيء .. ولا يهمني فهمكم من عدمه .. المهم أنني أتنفس وأكتب وسأموت قريبا دون ذاكرة واضحة ....أنتم أيها الناس حمقى بالفطرة.. أوغاد بالفطرة...ولم أعرف هذه الحقيقة إلا بعد أنْ تجاوزتُ تجاربي معكم .. تجاربي كلها أثبتت لي أنكم لا تستحقون العناء .... سحقا لكم أنتم تثيرون الغثيان ...والشفقة ... لكن وجودكم لا يزعجني اطلاقا ....
.
.
.
.
رشدي الغدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق